وازنَ مجلسُ الأعيان ووزّن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية بميزان الذهب محققا أعلى قدرة واقصى امكانية للمواءمة بين ما هو مطلوب ومقترح من مختلف الهيئات والمنظمات والأحزاب وما هو ممكن، ليظل القاضي قادراُ على تحقيق العدالة بردعٍ كافٍ لمن يتجاوزون عليها.
ثمة وجاهة كبيرة في الآراء الوطنية الموضوعية الحصيفة، التي تناولت المشروع وحاولت ان تجد «كردوراً» مَهْما كان طويلاً وضيقاً، بين ما هو ممكن وما هو كائن.
ونلاحظ بداية أن اللجنة القانونية في مجلس الأعيان بجهود الصديقين الأحمدين، رئيسها الأستاذ أحمد طبيشات ومقررها الدكتور أحمد عويدي العبادي، قد ساهمت إلى أبعد مدى في «التجسير»، وكشفت عن ديمقراطية ومرونة مكّنتها من إجراء تعديلات جوهرية ضرورية، حيّدت وخففت الكثير من نقاط التوتر والخلاف والاختلاف.
ونسجل لدولة فيصل رئيس مجلس الأعيان ديمقراطيته وانفتاحه وقدرته على إضفاء الكثير من الألق على صورة مجلس الأعيان، وان دولته لم ولا يميز بين مختلف الآراء ووجهات النظر، ويكفل ويرعى التعددية التشريعية والسياسية، التي باغتت من وَقَر لديه ان مجلس الأعيان هو مجلس الموافقة الميكانيكية.
لقد آلت مناقشاتٌ مجلس الأعيان العميقة والدقيقة إلى إعادة إنتاج مشروع قانون على الصيغة التي استدرجت موافقة وارتياح المحامي الصديق صالح العرموطي.
لقد طفا على السطح بشكل لافت، سوءُ ظن جائرٌ من بعض من يجهلون ما يهرفون به، ارتد على القضاء الأردني المكين الحصين، بحجة ان ما سمّوه «الغموض»، سيسمح بالتشدد والتكييف الجائر والتقصد حين التطبيق والتنفيذ !!
وشمل سوءُ الظن الجائر أيضاً، الحكومةَ التي تقدمت بمشروع قانون الجرائم الإلكترونية، بزعم انها جاءت به لتحمي ممارساتها وتجاوزاتها !! وهذا ظلم للقطاع العام بكلكله.
فالحكومات ليست دائمة ولا مؤبدة.
إن ما قيل وأثير وخُطِبً وكُتب، قد صبّ في الرافد النافع، رافد حرية الرأي والتعبير والحق في الاختلاف والتعددية السياسية.
تخيلوا لو أن مشاريع القوانين التي تخص بلادنا الجميلة تمرّ بلا هذه المساجلات الحيوية النافعة الرائعة !!
الواحديةُ لله فقط، والثنائيةُ والتعددية جِينٌ إنساني جميل، يجدر بنا حمايته ومدُّ ظلّه وتعزيزه.