في خضم انشغال الدولة الأردنية بجميع مؤسساتها وأطيافها السياسية والاجتماعية بمنظومات التحديث الثلاث التي تبناها جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله وولي عهده الأمين، وكان جلالة الملك هو الضامن لها ولإنجاحها ومن ثم تنفيذها وتطبيقها، من خلال متابعته الحثيثة لها بإسناد من سمو الأمير الحسين ، إلا أن الحكومة أدخلت تحديثا رابعا وجديدا أشغلت فيه الدولة بكل سلطاتها ومؤسساتها والمجتمع بكل مؤسساته الحزبية والسياسية والمدنية والأهلية والشعبية، ألا وهو تحديث عقوبات حريات الرأي والتعبير عبر الفضاء الإلكتروني ، بمختلف وسائله وأشكاله، وخلقت نوعا من المطبات لتخفيض سرعة وتسريع التحديث السياسي والحزبي الذي سارت وتسير عليه الدولة، وهبطت من عزيمة الشباب وربما المجتمع نحو الهرولة إلى الإنضمام إلى الأحزاب السياسية ، وخلقت نوعا من التشاؤم أو ربما الحذر بعد أن ساد التفاؤل بإنجاح منظومة الإصلاح والتحديث السياسي، من خلال طرحها لقانون الجرائم الإلكترونية بهذه العجالة والسرعة التي ربما توازي سرعة الضوء..
لا أعلم ما السر وراء هذه العجالة، ماذا كان يغيض الحكومة لو تأخر القانون عدة أيام أخرى لمزيد من الحوار والتمحيص والعصف الذهني والفكري بين أفراد المجتمع، بهدف الوصول إلى قناعة و/ أو إقناع واقتناع المجتمع بأهمية القانون لحمايتهم من التنمر والفوضى الإلكترونية من ذم وقدح وشتم، وخروج عن الأخلاق الحميدة المألوفة والمتداولة والمعتاد عليها الشعب الأردني بأصالته ومحافظته الإجتماعية ، بتوافق ورضا تام بين كافة سلطات الدولة وطبقات المجتمع..
أليس كان من الأفضل أن يتقبل المجتمع القانون بصدر رحب وقناعة ورضا حتى يتولى المجتمع نفسه بالدفاع عنه ، والمساهمة بترويجه ونشر مضامينه وأهميته والتوعية بمخاطره بدلا من مجابهته، ومهاجمته، وتوسيع فجوة الثقة بين الشعب والحكومة ومجلس الأمة ، وزيادة مساحة ورقعة عدم الرضا عنهم، وخصوصا ونحن مقبلون وذاهبون بكل تفاؤل نحو الإنتخابات البرلمانية القادمة على أمل النجاح في توسيع قاعدة المشاركة الشعبية، ورفع نسبة المقترعين، كما تحدث بذلك جلالة الملك قبل أيام معدودة ، بما يفضي إلى تحقيق رؤى جلالته والإلتزام بتوجيهاته السامية ، فالصبر زين كما يقولون، والله والوطن من وراء القصد ، وللحديث بقية.