منذ أن أرسلت الحكومة قانون الجرائم الإلكترونية إلى مجلس النواب ، وبعد أن تسربت مضامين القانون التي تحمل في طياتها عقوبات قاسية وغرامات كبيرة على مخالفي قانون الجرائم الإلكترونية ، انطلق المجتمع الأردني بكل قطاعاته من إعلاميين وصحفيين وبعض الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بالحقوق والحريات وكتاب صحفيين وبعض أعضاء مجلس النواب وووالخ، وبدأت الإعتصامات والحوارات والمطالبات بسحب القانون من قبل الحكومة ، أو رده من قبل مجلس النواب ، ووصل الأمر إلى خارج الأردن حيث أصدرت 13 منظمة حقوقية دولية مناشدة للحكومة الأردنية لإعادة النظر بالقانون، وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا مماثلا وقالت أن هذا القانون سوف يؤثر على مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يعمل عليها الأردن ، علاوة على تأثيره على الاستثمارات ، وعقدت العديد من الندوات وورش العمل، ودخل مجلس النقباء على الخط وقدم رؤيته للقانون عبر ورقة خطية تتضمن مقترحات لتجويد القانون واجتمع مع المكتب الدائم في مجلس النواب ، وهكذا فعلت كذلك نقابة الصحفيين وعملت نفس خطى مجلس النقباء، وقدمت بعض الأحزاب مثل أحزاب إرادة، والإتحاد، والديمقراطي الإجتماعي، والعمل ، أوراق عمل بينت فيها رؤاها القانونية نحو القانون، وقدمت مقترحات خطية لتعديل القانون بهدف تجويده بما يوازن بين العقوبة والجريمة ، وهناك أحزاب اكتفت بإصدار بيان صحفي طالبت فيه مجلس النواب بعمل توازن بين العقوبات والجرائم الإلكترونية، ومسكت العصا من المنتصف، والأحزاب الباقية بقيت كعادتها صامته لم يعنيها الأمر في شيء، وكأنه الموضوع لا يخصها ، ويقع خارج الأردن، ورغم كل ذلك ورغم الوعود النيابية لهذه الجاهات الشعبية والمجتمعية والسياسية بالنظر بهذه الأوراق والمقترحات والمطالبات إلا أنها ذهبت أدراج الرياح ، ولم يؤخذ منها إلا النذر اليسير بتخفيض بعض الغرامات المالية ، وكل الحوارات واللقاءات ذهبت هباءا منثورا، فطبق المثل القائل أشبعناهم شتما وفازوا بالإبل، وهنا طبق المجلس النيابي المثل سمعنا كل حواراتهم ومطالبهم ، ولم نأخذ منها إلا ما نريد ، وكانت النتيجة النهائية أن أشبعنا الحكومة حوارات واحتجاجات ومطالبات واعتصامات وفازوا بالنهاية بالقانون ، وللحديث بقية.
اشبعناهم حوارات وفازوا بالقانون
مدار الساعة ـ