مدار الساعة - ليث الجنيدي/ الأناضول - تقع مدينة "جرش" شمالي الأردن، وتضم أهم وأبرز المواقع الأثرية على أرض المملكة، وهي واحدة من مدن الرومان العشر المعروفة باسم "الديكابولس".
تقع المدينة على 47 كلم عن العاصمة عمان، وهي موقع أثري يعود بناؤه إلى ما قبل الميلاد، ما يجعله يشكّل العنوان الأبرز لسياح الأردن من مختلف بقاع العالم، فمعالم المدينة الراسخة، تروي لزوارها قصصاً بعمق التاريخ.
"جراسا"، وهو الاسم القديم في عهد الرومان، تتميز بكثرة أعمدتها، ومدرجاتها التي تحولت إلى مسارح تحتضن ثقافات وفنون العالم المختلفة، عبر مهرجان سنوي، يضم مشاركين من مختلف دول العالم، والذي يعقد في يوليو/ تموز من كل عام.
ومع إيقاد شعلة مهرجان جرش في دورته الـ37، الذي ينطلق مساء الأربعاء، أجرى مراسل الأناضول جولة داخل المدينة الأثرية، واطلع على أبرز معالمها وما يميزها، ويجعلها وجهة رئيسية لزوار المملكة.
يعد شارع الأعمدة من أبرز معالم المكان، وهو شارع جرى رصفه بالحجارة، ويبلغ طوله قرابة 800 متراً، وعلى جنباته تقف عشرات الأعمدة من أصل مئات كانت في السابق، ويربط بين المسرح الشمالي والساحة البيضاوية.
أما الساحة البيضاوية، فهي واسعة محاطة بالأعمدة، ويتوسطها عمود تم تشييده مؤخرا ليحمل شعلة المهرجان السنوي.
المسرح الجنوبي هو المعلم الأبرز خلال انعقاد المهرجان، ويتسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج.
وعلى الجهة المقابلة من المدينة الأثرية، يقع مسرح آخر والمعروف باسم الشمالي، ويتسع لقرابة 1500 شخص، ويختص بالعروض الأدائية خلال المهرجان، وعادة ما تعقد فيه بعض الاجتماعات المحلية.
محمد الشلبي، مدير آثار جرش، بيّن في حديثه للأناضول، أن "الاستقرار بدأ في مدينة جرش من العصور الحجرية والبرونزية والحديدية والرومانية والبيزنطية والفترات الإسلامية".
واستدرك: "كان يطلق عليها جرشو، وعثر بداخلها على نقوش مختلفة، تشير إلى أسماء عربية لمهندسين ومعماريين أسهموا في بنائها، وعُثر على شواهد من الحضارة النبطية تشير إلى تأثيرات ثقافية وتجارية للمدينة".
وتابع: "ومن المعالم الأخرى لمدينة جرش الأثرية قوس النصر، وميدان سباق الخيل، ومعبدا أرتيمس وزيوس، وسبيل الحوريات، والكنائس، والمساجد والأسواق والبيوت الأموية، وبيت الآثار الذي شيد في العهد العثماني".
وأوضح الشلبي: "إن تنوع المعالم في مدينة جرش، وارتباط بعضها بين مختلف الحقب التاريخية والحضارات، واستمرارها حتى يومنا هذا، يؤكد أن المكان مميز وجاذب".
وزاد: "جرى ذكر المدينة عند العديد من الكتاب والرحالة كشمس الدين المقدسي، وأحمد اليعقوبي، وغيرهم الكثيرين".
واعتبر الشلبي أن "انعقاد مهرجان جرش بشكل سنوي يؤكد على الأهمية التاريخية له".
وأضاف أن "مسارحه استضافت أبرز الفنانين والمثقفين والشعراء والفرق الاستعراضية من مختلف دول العالم".
ديفيد وهو سائح ستيني، قادم من مدينة ميامي الأمريكية، قال للأناضول: "جئت مع أبنائي للاستمتاع بهذا المكان الرائع، وهذه المرة الثانية وسأعود مرات كثيرة، وسأدعو جميع أصدقائي لزيارته، فجرش من أهم المدن الرومانية التاريخية على مستوى العالم".
أما أحمد خالد (34 عاما)، فهو شاب أردني يعمل كمصمم غرافيكي بدولة الإمارات، بين للأناضول "أنا هنا مع أهلي وأبنائي للاستمتاع بآثار جرش ومناخها الملائم (..) ما يجذبني فيها آثارها الجميلة، وحاليا يتم التحضير للمهرجان، وأنا من أشد المتابعين، وأتمنى أن تستمر هذه المدينة عامرة بالخير".
ومساء اليوم الأربعاء، تنطلق فعاليات الدورة الـ37 لمهرجان جرش، وهو مهرجان فني ثقافي رسمي، يقام في يوليو/تموز من كل عام، بالمدينة القديمة في جرش شمالي الأردن، برعاية وزارة الثقافة الأردنية، ويستخدم المدينة الأثرية كموقع لفعالياته الفنية والثقافية.
ويضم الأردن -وفق إحصائيات رسمية- نحو 100 ألف موقع أثري وسياحي، تتوزع في مختلف محافظات المملكة ومدنها.