سورة فصلت ترتيبها 41 وعدد آياتها 54، هذه السورة تحتوي على آيات تذهل قارئها كغيرها من سور القرآن.
الأمر المحير لأصحاب العقول وذوي الألباب ان هناك كثيرا من بني آدم كفار ومشركون وعبدة للشمس والقمر والنجوم والملائكة وعبدة للشيطان وعبدة للبقر والفئران والفرج وملحدون ... إلخ. رغم إرسال الله (أنبياء بالآلاف ومرسلين وأنبياء ذكر الله منهم خمس وعشرون في القرآن الكريم) لبنى آدم منذ إهباط الله لآدم وزوجه وإبليس إلى الأرض (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة: 38)). والله هو الذي خلق كل أنواع البشر والكافر والمؤمن (هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ فَمِنكُمۡ كَافِرٞ وَمِنكُم مُّؤۡمِنٞۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ، أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن في السَّمَـوَاتِ وَمَن في الأرض وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ والدواب وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يشاء (التغابن: 2، الحج: 18)).
ولقد تم تعريف الإلحاد بالإسلام: بانكار وجود الخالق وكل ما يترتب عليه مما قد يأتي من الخالق لمخلوقاته من أنبياء ورسل وكتب سماوية فهو منكر بالتبعية. قال تعالى في كتابه العزيز القرآن الكريم (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (فصلت: 40))، ما أجمل هذه الآية. ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن لكثير من الناس ويسأل لنا كثيرا: لماذا خلق الله بعض الناس لجهنم وهم كثر؟! (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (الأعراف: 179)) والبعض الآخر للجنة وهم قلة؟! (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (سبأ: 13)). سؤال من الصعب جدا على بني آدم الإجابة عليه لأن عقولنا جميعا دون إستثناء محدودة، ولكن لو تدبرنا آيات الله في القرآن فنهتدي الي الآية (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (السجدة: 13))، والبعض يتساءل لماذا حق قول الله على البعض لجهنم؟ وما ذنبهم؟ نهتدي لآية أخرى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (الأنبياء: 23))، اي لا يحق لنا أن نسأل الله عما يفعل ولكن الله من حقه أن يسألنا عما نفعل ويحاسبنا يوم الحساب. فالخلاصة في نظري وبإختصار لكل من يتساءل هذه الأسئلة حتى لا يتعب نفسه ولا يصل إلى جواب يقنعه ان يختصر الطريق ويقوم أولا: بعدم معادات الله (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ، وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ، فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ (فصلت: 19-24)). وثانيا: أن لا يشرك بالله شيئا ويترك الأمر للرحمن الرحيم في مغفرته له (لها) وإدخاله (لها) الجنة أو عدم مغفرته له (لها) وإدخاله (لها) النار لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا، إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (النساء:48 و 116)). ولا تنسوا الآية التي تعتبر اشفع آية في كتاب الله وانزلها لغير المؤمنين بالله (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر:53)) فأيها الناس داوموا على الإستغفار.