مدار الساعة - أجمع مشاركون بندوة فنية ثقافية على ضرورة بذل جهود حقيقية وكبيرة لإعادة الألق للدراما الأردنية، واستعادة الفنان الأردني لمكانته التي يستحق، مستعرضين عددا من التحديات والمعيقات التي دفعت لتراجع الدراما الأردنية خلال العقدين الماضيين، بعد أن حققت سابقا حضورا عربيا لافتا واسهمت في بناء الوعي الجمعي للأردنيين.
وقال نقيب الفنانين الأردنيين محمد يوسف العبادي، أن المشهد الثقافي والفني يشهد "حالة من الانتكاسة والتراجع" في الوقت الراهن؛ الأمر الذي يتطلب تكاتف الجميع من أجل النهوض بالحركة الثقافية والفنية من جديد، وتقديم منتج إبداعي يليق بالتاريخ العريق للدراما الأردنية والإسهامات المتميزة لها على الصعيد العربي.
وأضاف العبادي، أن الدراما واشكال الفنون الأخرى هي "القوة الناعمة في صناعة التغيير الايجابي المجتمع، وصياغة الوجدان الشعبي، وتشكيل الوعي الجمعي"، مؤكدا دورها في ترجمة خطاب الدولة الأردنية، وتعزيز القيم الوطنية، كما أنها عامل جذب سياحي مهم.
جاء ذلك، ضمن ندوة عقدت مساء أمس السبت، في مركز الحسين الثقافي، بعنوان: "أزمة الدراما الأردنية .. الواقع والمطلوب"، بمشاركة الفنان الأردني زهير النوباني، وإدارة الزميل د.حسين العموش، وبحضور عدد من الفنانين والصحفيين، وأعضاء بالوسط الثقافي والفني. وذلك ضمن أمسيات صالون السبت الثقافي، الذي تنظمه دائرة البرامج والمرافق الثقافية في أمانة عمان الكبرى.
وشدد العبادي، على ضرورة إدراك المسؤولين وصناع القرار لأهمية الثقافة والفنون ودورها في تنمية المجتمع، مؤكدا أهمية دعم الحركة الثقافية والفنية كي تتمكن من أداء الدور المنوط بها من قبل جميع الأطراف والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات الثقافية والفنية.
وأوضح العبادي، أن الدراما الأردنية قدمت العديد من الأعمال الفنية المتميزة التي لاقت استحسان الجمهور، وكان لها دورا بارزا في دعم المنتج الفني في الدول العربية، مستذكرا أعمالا فنية سورية مثل ملح وسكر، وصح النوم، جرى انتاجها في الأردن، لافتا الانتباه إلى أن الدراما البدوية الاردنية لم يتم استثمارها أو تطويرها وظلت في شكلها التقليدي.
وتطرق العبادي إلى مفهوم الأمن الثقافي والفني، وضرورة إصلاح المشهد الثقافي واستعادة دوره التاريخي بتقديم أعمال تعبر عن الثقافة الأردنية والعادات والتقاليد التي تشبه المجتمع وليس "لحاق السوق" على حد تعبيره، مؤكدا أن ذلك يتوقف على وجود المشروع الثقافي والفني الوطني.
ولفت إلى أنّ، الفنان الأردني قدم نموذجا وطنيا في حفل زفاف سمو ولي العهد، وحمل خطاب الدولة وقدمه بصورة تليق بالمناسبة، مشيرا إلى أنّ الأعمال الفنية التي قدمت في حفل الزفاف كانت تعبر عن تقاليد المجتمع الأردني، وأن الفنان الاردني إذا أعطي الفرصة فإنه قادر على ترجمة رسائل الدولة وإيصالها إلى المجتمع.
وعرض العبادي، الدور الذي تقوم به نقابة الفنانيين الاردنيين على صعيد تنظيم المهنة، ودعم الفنان الاردني والمطالبة بحقوقه، والشراكات التي تجمعها مع شتى المؤسسات والهيئات التي تعمل في الوسط الثقافي، مطالبا بضرورة تطبيق قانون النقابة لما له من أثر إيجابي في النهوض بالمهنة والحركة الفنية.
من جهته، طالب الفنان النوباني بضرورة وضع استراتيجية ثقافية وفنية على المستوى الوطني تسهم في النهوض بالمشهد الثقافي والفني، وتعزيز رسالته في خدمة مشروع الدولة الاردنية وتنمية المجتمع وبناء عقل الانسان وتهذيب روحه، مبينا أنّ العاصمة عمان أسهمت في ظهور حركات فنية على المستوى الاقليمي، وكانت على الدوام حاضنة للإبداع العربي.
وقال النوباني ان "مقومات النجاح في صناعة منتج ثقافي وفني متوفرة لدينا، ولكن تحتاج إلى الإدارة الناجحة وقيادات كفؤة في العمل الثقافي والفني.. سوء الإدارة هو السبب الرئيسي في الحالة التي وصلنا إليها من التردي.
واستعرض النوباني، محطات متعددة في تاريخ الدراما والمسرح منذ انطلاقها عام 1969 ، والاسهامات المتميزة لها، مشددا على أهمية البعد الوطني في إطلاق مشاريع انتاجية في العمل الفني تكون قادرة على نمو الحركة الفنية والثقافية.
وثمن كل من العبادي والنوباني، جهود أمانة عمان من خلال دائرة المرافق والبرامج الثقافية، التي يديرها الزميل عبدالهادي المجالي، في دعم المشهد الثقافي، ودورها في تنشيط الحركة الثقافية والفنية، والفعاليات المتنوعة التي تنظمها.
ودار نقاش موسع تضمن تساؤلات عديدة ومداخلات متنوعة من قبل الحضور، حول اهمية دعم المنتج الفني، ودور المؤسسات الرسمية فيه، ومسؤولية القطاع الخاص وشركات الانتاج والعلاقة التي تربطها بالفنان الاردني، والفرص الضائعة التي يجب ان تستثمر في تنشيط المشهد الفني، ومسؤولية نقابة الفنانيين وغيرها.