عنوان المقالة أعلاه ليس من عنديّاتي بل هو عنوان تعليق سطّرَه على قناته في «تيلغرام» مَن يُوصَف بأنه «عقل بوتين».. ألكسندر دوغين/ الفيلسوف الروسي المعاصر، إذ كتبَ في 17 الجاري (على ما ترجم صديقنا الدكتور زياد الزبيدي), مُستخدماً مصطلحات نارية ولغة تغرِف من معين غاضب مُتأجج, لم يوفّر فيه حتى الرئيس بوتين, حاملاً بشدة على نظام كييف الذي وصف عناده بالمسعور بما هي السمة المُميزة للأوكران (وفق تعبير دوغين), معتبراً أن الأمور تبدو الآن رهيبة أكثر. مُعدداً ما بدأه النظام الأوكراني الذي جاء بعد انقلاب «مُلوّن» على الرئيس المُنتخب يانوكوفيتش, في شباط 2014 بدعم مُباشر وميداني من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
مُواصلاً/ دوغين القول: لقد بدأوا بقصف دونيتسك عام 2014 ولا يتوقّفون ليوم واحد، هاجموا - أضافَ - أراضي المناطق الروسية القديمة.. بيلغورود، كورسك، بريانسك واستمروا.. بدأوا - واصلَ - في قتل الروس بهجمات إرهابية وهم يفعلون ذلك مراراً وتكراراً، هاجموا - استطردَ - محطات الطاقة الذرية وهذا يتكرر مرارًا وتكراراً.. الشيئ ذاته ينطبق على جسر القرم. طالما - ذهبَ دوغين إلى الاستنتاج - أن أوكرانيا يعيش فيها نظام مجنون.. فمن الغباء وانعدام المسؤولية, افتراض أن شيئاً ما في سلوكها سيتغير - وهو هنا يوجه انتقاداً مبطناً للق?ادة الروسية العليا (إقرأ بوتين) ثم يقول: في رأيي من الضرورة التوقف عن التظاهر بالحياة السلمية في روسيا, وتأجيل الانتخابات (لقد انتخبنا - والأقواس من دوغين- بوتين بالفعل, ولكن بالتأكيد ليس لدينا أي شخص آخر).. وعلينا الانتقال إلى التعبئة الكاملة.. كما أن التغييرات في الكوادر أمر لا مفر منه، وتأخيرها - يضيف دوغين - تصبح عملية إنتحارية. إذ نحن نتعامل مع عدو مجنون تماماً وعدواني للغاية, ولا يسيطر على تصرفاته وخلفه الغرب.. لا يوجد علاج لداء الكَلَبْ.لا يلبث دوغين (بعد هذا العرض الغاضب لما حدث منذ شباط 2014) أن ينتقل إلى لغة أكثر وضوحاً محمولة بالطبع على شعور بالقهر لم ينجح أو ربما أراد أظهاره, بالإشارة لسلسلة من المشاهد والأحداث والملابسات التي عاشها الاتحاد السوفياتي قبل انهياره, خصوصاً في عهده نبيّ البيريسترويكا المُزيّف/غورباتشوف ولاحقاً بعد انهياره وبروز يلتسين في صدارة المشهد الروسي, بعد أن لم تعد ثمة كوابح تحول دون اندفاعته «الغرامية» بالرأسمالية واقتصاد السوق, مُفسِحاً المجال امام عصابة من اللصوص, استطاعت بدعم من الاستخبارات الأميركية والغربية ?لاستيلاء على القطاع العام السوفياتي الضخم, وخصوصاً في استملاك كل ما وقعت عليه أياديهم من مصانع وأراضي وتحديداً أسلحة وذخائر, فضلاً عن وجودهم الدائم في الكرملين وبالقرب من «عصبة العائلة» التي ترأستها تاتيانا ابنة يلتسيتن وزوجها حينذاك.الملاحظ في العرض المستفيض الذي قدّمه دوغين, أنه «لم» يستبِعد استخدام السلاح النووي (بل ربما استبطن الدعوة إلى إستعماله) عندما قال: إذا تبيّن أن كل هذا (ونحن لم نبدأ بعد) غير كافٍ. فعلينا أن ننتقل إلى «التفكير» في إمكانية مهاجمة العدو بمساعدة الأسلحة النووية.كيف عرضَ «الفيلسوف الغاضب» المشهد بإشارته إلى مفهوم الحروب الأهلية؟.لكنْ.. تساءل دوغين ــ أليس ما يحدث في روسيا «حرب أهلية كامنة"؟. مُجيباً وشارِحاً: من ناحية، الشعب والجيش اللذان يعتبران نفس الشيء بعد التعبئة. على الجانب الآخر توجد الأبراج الليبرالية العنيدة, في معارضتها لخطوات أخرى في الاتجاه الوطني. وفقط بوتين شخصياً يمنع الموقف من التصعيد من مرحلة كامنة إلى مرحلة مفتوحة. أليس هذا ما كان عليه تمرّد فاغنر؟..مُستطرِداً.. لم يكن ممكنا إخماده إلا من قِبل بوتين ـــ صمام الأمان من الحرب الأهلية. إنه شرعي ليس فقط من جانب الشعب، ولكن أيضاً من جانب إرادة السماء، من جانب العناية ?لإلهية. لكن حتى الآن النُخب الليبرالية لم تُصنّف أنها غير شرعية من أي جهة.ليقول أيضاً: للحروب الأهلية منطقها الذي لا يرحم. «ثورة من فوق يمكن أن تمنع ثورة من أسفل». علاوة على ذلك.. يُضيف..، يمكن أن تكون الثورة من الأعلى خلاّقة، بينما الثورة من الأسفل ستدمر كل شيء تماماً. لكن المتطلبات الأساسية لذلك يتم إيجادها على وجه التحديد من قبل القمة - ابتعادهم عن المجتمع، وسياسة الكومبرادور، والاستغلال، وغياب المسؤولية, وقِصر النظر. لافتاً الى مسألة مهمة.. المعركة تبدأ الآن. بوتين الذي يقود القتال، لا يمكنه التضحية بالشعب والجبهة. لا يُريد التضحية بالنخبة. لكن من الناحية النظرية، يمكن إنشاء?نُخبة جديدة بل وبسرعة, ولكن من المستحيل تكوين شعب جديد، على الرغم من أن الليبراليين في التسعينيات فكّروا بجدية في هذا الأمر، وقاموا ببطء بإبادة وإفساد النُخبة القديمة.ماذا يقول غاضبون «آخرون».. يًشاركون دوغين وجهة نظره وربما أكثر؟.نُكمِل غداً.