تابعت باهتمام خلال الأيام الماضية حواريات دولة الرئيس بشر الخصاونة مع شبابنا في الجامعات الأردنية ومؤتة وال البيت واخرها اليوم من اليرموك، يرموك النهر والسنابل، يرموك البيدر والمناجل، كان لقاءا متدفقا رقراقا بمستوى عالي من الشفافية والمسؤولية، لقاءا عفويا صادقا يستحق الإشادة والتقدير يصب في خانة الاشتباك الإيجابي والتواصل الرسمي مع اهم مكونات الدولة وقوته النابضة: الشباب وفرسان المستقبل.
لاعتبارات عديدة فان حوارات دولة الرئيس مع الشباب ضرورة لابد منها واستمرارها نهج لا يجب ان يتوقف في المستقبل. وتمتين الساحة الداخلية وتعزيز الجبهة الوطنية هي رصيد الأردن لتجاوز كل التحديات. فالمنطقة تعيش تحولات متسارعة لجهة علاقات دولية جديدة طفت على السطح وأخرى تبدلت هنا وعلاقات أخرى خفتت وتلاشت هناك، والأردن منخرط بقوة في المشهد الإقليمي والدولي ولديه مصالحه التي قد تتأثر مع كل تحول هنا او قفزات سياسية هناك، وليس هناك قوة أفضل لتماسك جبهتنا الداخلية من اشراك الشباب الأردني في حوار دائم ومتواصل يقوم على الشفافية والمكاشفة وبلا قيود.
قد يتفق البعض معي في التقييم وبالتأكيد هناك من يختلف في أهمية وجدوى هذه الحواريات، لكن قناعتي انه رغم ضعف أدوات الاتصال الحكومي القائمة حاليا، الا انني أجد نفسي دائما اتفق مع مقولة التي تقول أن تصل متأخرا خيرا من الاّ تبدأ ابداً، ورغم ان البعض ينتقد بمسؤولية عاليه وبطريقة بناءه وهو امر مطلوب جدا، الا ان البعض الذي يحاول ان يقلل من أهمية مثل هذه اللقاءات بطريقة غير موضوعية، يأخذ منحى بعيدا عن جوهر و موضوعات اللقاءات واهميتها ويعمد الى العدمية و النظرة السوداوية، وكأنما يريد من مسؤولي الدولة ان يظلوا مكتوفي الايدي ولا يحركون ساكنا ويظلوا دوما مع مؤسسات الدولة في زاوية الهجوم والنقد وجلد الذات، بل يمعن البعض في شخصنة الأمور مع شخص الرئيس فيتلقف كلمة عفوية قالها الرئيس هنا او موقف حصل معه هناك عبر عنه بكل صراحة ليدشن هذا البعض حملة افتراضية عبر منصات التواصل الاجتماعي تستهدف المسؤول وكأنما ارتكب محرما من المحرمات تستدعي دخوله جهنم!!!
محاولة افراغ هذه اللقاءات من أهميتها ليس عملا بطوليا يستدعي التصفيق، وتسجيل الشعبويات بالنقد اللاذع والهجوم على شخص الرئيس او المسؤول ليس إنجازا يستحق التقدير، لكن يكفينا ان نرى محاولات جادة وصادقة وعفوية تجمع مسؤولينا بكل مستوياتهم مع كافة أبناء الشعب. نعم نريد ان نستمع لهم ونريد ان يستمعوا لشبابنا، يستمعوا لإحباطهم وامالهم، يستمعون لصرخاتهم آهاتهم، يستمعون للفرص والتحديات، يستمعون لنجاحاتهم وتطلعاتهم. لقد عكست حجم الايادي الشبابية المرفوعة في قاعات الحوار بالجامعات مع دولة الرئيس حجم التعطش من شبابنا للحوار وحجم الرغبة في الاستماع، وهذه رسالة مهمة يجب التقاطها من كافة المستويات ان شبابنا نحن أولى ان نستمع إليهم ونفتح قنوات الاتصال معاهم بدلا من ان يستمعوا لمصادر معلوماتية غير موثوقة وغير بريئة على منصات التواصل الاجتماعي، سيما تلك الأصوات النباحة التي تستهدف مسيرة هذا الوطن وكل مؤسساته ومنغمسة ضمن اجندة مدسوسة في تشويه الأردن الماضي والحاضر.
لن أقول ان دولة أبو هاني في كل لقاءاته وحواراته مع الشباب الجامعي كان مقنعا او انه "أروى" عطش شبابنا المثقل بالهموم والتحديات، والذي يبحث دوما عن المزيد والمزيد من الإجابات لأسئلة مشروعة تتعلق بمستقبله وفرصه وتطلعاته في حياة كريمة، لكنني واثق ان دولة الرئيس كان صادقا في بوحه وحديثه مع أبنائه الطلبة وعفويا في استرساله بالقصص والمواقف والمعلومات التي قدمها للشباب الجامعي.
حواريات الرئيس لا يجب ان تتوقف كما اسلفت وذكرت، ونريدها ان تستمر بهذه العفوية وروح "الخال" التي لمسناها في شخص أبو هاني في بوحه مع أبنائه الطلبة، نريد نهجا اتصاليا مختلفا لمرحلة مختلفة تستدعي ضرورات وأدوات اتصاليه متفردة لتقريب وجهات النظر وتوسيع مساحات التفاهم والتفهم وإعادة بناء الثقة بالخطاب الرسمي واستعادة الراي العام الذي حرفت بوصلته أصوات تنبح وساخة وقذارة وتنفث سموما لا تنتهي.