أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

النشطاء


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

النشطاء

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
أتابع أحيانا، نجوم السوشيال ميديا في الأردن.. أتابع ما يقولون وما يقومون ببثه..
أتابع سياراتهم, منازلهم الجديدة التي اشتروها, أتابع أيضا زيجاتهم.. وكيف كان حفل العرس أسطوريا, أتابع كثيرا ما ينشرون.. وحجم اللايكات والتعليقات, وساعات (الرولكس) التي اشتروها.. ومطاعمهم التي افتتحوها، والشقق الفارهة وحجم التبرعات.. والأثاث الذي جاء بدلا من الإعلان.
حتى أصبح كاتبا تعبت في هذا العمر, طاردت أشرطة الكاسيت التي كانت بحوزة الرفاق.. وياما أمضيت ساعات في نسخ قصائد مظفر النواب, ياما أمضينا أياما بجانب صوبة (الفوجيكا) ونحن نحاول أن نبحث في رواية غسان كنفاني (عائد إلى حيفا) عن الحلم والأمل وكيف كانت السطور تقاتل في الثورة مثل البنادق تماما, تعبنا ونحن في مجمع الجنوب وتحت شمس «آب» اللاهبة ننتظر باص الكرك.. حتى نحظى ولو بطرف كرسي, كنا نظن أن الجنوب في شوق لنا.
تعبنا لأن أستاذ الأدب العربي نصرت عبدالرحمن, طلب منا ذات يوم... أن نقدم وصفا لشخصية المتنبي من خلال قصائده، وهل كان رومانسيا حالما؟ أم فارسا حقيقيا؟ أم أنه صاغ كل هذا الإعجاز الشعري فقط اعتمادا على الموهبة وزور في الواقع.. وأنا يومها كتبت أن المتنبي بالغ في فروسيته واعتبرت أن الإنسان حين يوغل في الحديث عن السيف, إنما يعبر عن نقص في شخصيته فهو الفارس الذي لم تكتمل فروسيته أبدا.
اتذكر أيضا أننا تنافسنا على حفظ شعر يزيد, وقراءة كربلاء... ومطاردة الإرث الشيعي في قصائد الجواهري, اتذكر أننا أحببنا سعيد عقل شاعرا وكرهناه سياسيا.. وتداولنا قصائد أمل دنقل وسيرة حياته, وقمنا بإجراء مقارنة بين دوره في المشهد الثقافي المصري ودور تيسير السبول..
قلت أتابع نشطاء (السوشيال ميديا).. وأعتذر لنفسي أني أتعبت عقلي كثيرا.. كان بإمكاني أن أكون تافها, وأن لا أتورط في كل تلك المسائل.. كان بإمكاني أن أرتدي سلسلة ذهبية وإسوارة وأبث بعض النكات المموجة على (التك توك), وأذهب للمطاعم من أجل جني المال... كان بإمكاني أن لا أقلق على المتنبي, وأن لا أقرأ أنطوان سعادة.. كان بإمكاني أن أوفر كل ما فعلته.
في النهاية, هذا هو عالمنا.. صار يحب الإنحدار أكثر, والوعي صار تهمة.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ