السوق العراقي يعد أحد الأسواق الرئيسية والمهمة للأردن من حيث الاستثمار والتجارة، وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في بعض السنوات إلى أكثر من ملياري دولار.
السوق العراقي مهم للأردن اقتصاديا واستراتيجيا، فالعراق يعد من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط بتعداد سكانه البالغ حوالي 40 مليون نسمة، وهذا يعني وجود فرص كبيرة لتسويق وبيع منتجات الأردن في هذا السوق الكبير، ناهيك عن القرب الجغرافي، مما يسهل عمليات النقل والتجارة بين البلدين. وهذا يعني تكلفة أقل ووقتا أقل لتوصيل المنتجات إلى العراق، لذلك كان نمو الحركة الاقتصادية بين البلدين سريعا جدا مقارنة بباقي أسواق المنطقة.
تاريخياً، كان العراق وما يزال أحد أبرز الشركاء التجاريين للمملكة، وهذه التجارة ليست وليدة اللحظة، بل لعقود طويلة أرسى قواعدها عمليتان سياسية واقتصادية معاً أسهمتا في تطوير حجم وتنويع المعاملات بين الجانبين، فهناك قواسم مشتركة ثقافية وتجارية بين العراق والأردن، مما يسهل عمليات التجارة والتعاون الاقتصادي بين البلدين، وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي.
ولا ننسى موضوع الاحتياجات العراقية، فالعراق يعاني من احتياجات كبيرة في مجالات متعددة، مثل البناء والبنية التحتية والطاقة والصحة والزراعة والتعليم بسبب الأوضاع السياسية والأمنية التي عاشها خلال العقود الماضية، والتي ما تزال آثارها وتداعياتها ممتدة إلى يومنا هذا، وهذا يعني أن هناك فرصاً كبيرة للشركات الأردنية في تلبية تلك الاحتياجات وتقديم الخدمات والمنتجات المطلوبة في العراق.
الأردن والعراق لديهما علاقات دبلوماسية وثيقة، وكانت الزيارات الأولى للمسؤولين في الحكومة العراقية إلى المملكة لتأكيد عمق هذه العلاقات وكيفية تطويرها وتنميتها، وهذا يسهل التعامل والتبادل التجاري بين البلدين، وقد وقعت الأردن والعراق اتفاقية التجارة الحرة في العام 2019 لتعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، وهناك منطقة اقتصادية خاصة بدأت ملامحها الأولى في الظهور بعد الكشف عنها وتصاميمها، وهي بانتظار خطوات تنفيذية على أرض الواقع.
كل ما ذكر سابقا يعزز القول إن السوق العراقي يعد فرصة مهمة واستراتيجية للأردن في تنمية الاقتصاد وزيادة التجارة والاستثمار. ولذا، فإن الشركات الأردنية يجب أن تستغل هذه الفرصة، وتبحث عن طرق لدخول هذا السوق وتوسيع نطاق أعمالها في العراق.
إجراءات تعزيز الصادرات الأردنية إلى العراق قد تتطلب تخطيطا وجهودا مستمرة من الجانبين، ولزيادة الصادرات الأردنية إلى العراق، خاصة في الجانب السياسي، وتوظيف الحكومة للمكانة التي تتمتع بها القيادة الهاشمية في العراق لدى الفرقاء كافة، وهذا يتطلب حضورا مستمرا في المشهد السياسي العراقي وترجمته لمسارات اقتصادية واضحة تكون انعكاساتها الإيجابية على الطرفين دون استثناء.
ولا ننسى القطاع الخاص الذي يعد المحرك الرئيسي لهذه العلاقة على مدى العقود الماضية، فهو صاحب اليد الأولى في تنميتها وتنويع أشكالها، لكن ما تزال تلك العلاقات بلغة الأرقام لا تتناسب أبداً مع شكل وحقيقة العلاقات السياسية وعمق العلاقات التاريخية بين الجانبين، لذلك ينبغي للقطاع الخاص، ومن خلال الغرف الصناعية التي تقود المشهد الاقتصادي الثاني بين الأردن والعراق في هذه الفترة، أن تقوم بجهود ترويجية قوية للمنتجات الوطنية في العراق واستخدام الموارد كافة لترجمة الأرقام إلى مبادلات تليق بالدولتين، فلا يعقل أن تبقى عمليات التبادل الاقتصادي بين الجانبين لا تتجاوز الـ600 مليون دولار.
الأمر يحتاج إلى مفاوضات مستمرة لبحث العقبات كافة التي تحول دون زيادة المبادلات الاقتصادية بين الجانبين، ولنعترف أنها موجودة، يجب التعاون بين الجهات المعنية في الأردن والعراق لتسهيل الإجراءات التجارية والتصدير، ويشمل ذلك تسهيل إجراءات الشحن والجمارك والتعاملات المصرفية.
الكل يتطلع لحدوث اختراق إيجابي أردني عراقي في المشهد الاقتصادي الثنائي، والإمكانات والإرادة متوفرتان، ويبقى تحدي التنفيذ وترجمة النوايا إلى خطوات عمل اقتصادية مباشرة.