أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

قانون الجرائم.. والقرار بالأذن لا بالعقل


عمر كلاب

قانون الجرائم.. والقرار بالأذن لا بالعقل

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
ليعذرني السادة الذين يهاجمون مشروع قانون الجرائم الإلكترونية, وتحديدا المطالبين برده, وكأن القانون كله مشيطن, علما بأنهم يشاركوننا الرأي القائل بضرورة هذا القانون على الأقل في الجرائم غير المتعلقة بالحريات, والعقوبات السالبة للحرية, والطريف أنهم لم يطلعوا على القانون ولا أقول قرائته إلا قلة قليلة, معيدين الاعتبار لعضو أغفلته الثقافة العربية, باستثناء أنها تعشق قبل العين احيانا, فالاذن, لم تحظَ بكثير عناء في الثقافة العربية الايجابية, مثل القلب والعيون وباقي اجزاء الجسم التي غازلها الشعراء وتغزّلوا بها, فدو?ها ثانوي ومقتصر على سماع الاصوات وتحويلها الى خانتين جسديتين, الاولى الى الدماغ وبالتالي تصبح حالة وعي كرّسها القرآن الكريم بقوله «تعيها أذن واعية» أو تنتقل الى اللسان مباشرة فتصبح الاذن كما الببغاء تردد ما تسمعه دون وعي وتحليل وتفكير, وهذا هو النمط السائد وقد بالغنا في الفترة الاخيرة بإعلاء شأن الاذن فدخلنا مرحلة النقل وعطلّنا العقل.
في أحد تجلياته الكثيرة يقول الشاعر احمد شوقي وعلى لسان راوية مسرحية مصرع كليوبترا «اسمع الشعب (ديون) كيف يوحون إليه.. ملأ الجو هتافاً بحياة قاتليه.. أثّر البهتان فيه وانطلى الزور عليه.. يا له من ببغاء عقله فى أذنيه» وليت الامر اقتصر على الرأي العام فقط بل وصل الداء الى صُنّاع الرأي العام الذين يعتمدون الاشاعة بل ويدعمون الفكرة ونقيضها في ذات الوقت حتى صار العقل في الاذنين وليست الاذن تابعة للعقل ومراجعة اية ازمة صغيرة او كبيرة تكشف مدى العوار الذي طال العقل والمساحة التي تحتلها الاذن في التحوير دون تمحيص ل?ا سمعته الاذن حتى بات البعض كالببغاوات يعيدون مايسمعون.
اتخاذ اي موقف يتطلب وعيا ومعرفة وليس إخبار ونقل, ومعظم معارضي القانون او مشروعه للدقة, يتعاملون مع الاذن بوصفها المحطة الاولى لاتخاذ الموقف, والنفس البشرية متقلبة لما وبما تسمعه فصاراتخاذ الموقف اقرب الى اليومي منه الى الاستراتيجي, وساد نظام المصالح القائمة على النقل وانتشرت ظاهرة المحاسيب الذي يمنحون الاذن ما تشاء ان تسمعه لا ما يجب ان تسمعه وصار التنافس على الاذن على اشدّه والجميع جاهز للتحول الى لسان ناقل سواء كان النقل حقيقيا او تأليفا مع توزيع موسيقي لضمان إنطراب الاذن السامعة وجلاء قلوب الجيوب الدافع?.
من المهم مناقشة القانون وفلسفته ضمن قاعدة فلا اسراف ولاتعسف ولذلك نحتاج الى الاستماع اكثر ما نحتاج الى السماع, وحرف التاء في الكلمة الاولى هو القادر على تفكيك القول الذي سمعناه بدل ان نبقى «ببغاوات» نردد ما نسمعه دون تمحيص وقليل تدبير, اذا اردنا تجاوز العثرات والصعاب وهذا يحتاج فقط الى قرار بالاستماع لبعضنا بعضا, والحقيقة ضالة المؤمن وهذا ممكن وليس مستحيل.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ