كتب: خالد محمود خالد
خرج من قرية الجديدة في جغرافيا الكرك فيمم إلى جامعة مؤتة حيث الأكاديمية والعسكرية والانضباط .. تفوق في الدراسة هناك ،وظهر عشقه للعسكرية.. شاءت الأقدار أن لا يدرس الهندسة أو الطب بالرغم من رغبته في ذلك، لأن حبه للعسكرية غلبه..
تخرج برتبة ملازم في القوات المسلحة الاردنية " الجيش العربي" والتحق بسلاح المدفعية، ثم مديرا للعمليات في القيادة العامة وحصل خلال هذه الفترة على ماجستير في الدراسات الاستراتيجية وماجستير في العلوم العسكرية ، ومن اهم مراحل سيرته العملية كان تعينه نائبا لرئيس المركز الوطني لادارة الأزمات ،وهناك كان المنعطف الأهم في حياته المهنية ..
فقد شاءت الأقدار ان يكون العميد مازن الفراية في الصفوف الأولى لفريق مكافحة وباء كورونا الذي نشب أظافره في كل جوانب الحياة في الاردن الصحية والاقتصادية والتعليمية، و اوقف دورة الحياةبالكامل ..
كان الفراية من الوجوه التي يرتاح لها الأردنيون ينتظرونه في كل مساء ليتعرفوا على أخبار المعركة مع الوباء الذي لم يكن يرحم كبيرا ولا صغيرا ..
وكان العميد الفراية يقدم المعلومة الصادقة والتوجيه المطلوب بلهجته العسكرية الحازمة التي لم تخلو من المودة والمحبة والتوجيه.. وكان له اثناء موقعه ذاك ومهمته تلك لمسات انسانية كبيرة ، فقد كان هاتفه متاحا للجميع ،ولأي مواطن يحتاج المساعدة او الاستفسار عن أمر ما يجد الاستجابة الفورية منه .. حتى وصل الامر به مرة الى قيامه بتوصيل أحد المواطنين بسيارته الخاصة إلى منزله في شمال المملكة لظروف صعبة المت به، وقد استنجد بالعميد فلباه دون تردد.
الذين عملوا مع الفراية في تلك الفترة يتحدثون عنه بإعجاب كبير ويصفونه بالقائد المتواضع لأنه كان يشعرهم بأنه يتعلم منهم وأن كل واحد منهم ليس أقل منه ،وانهم فريقًا واحدا يعملون في مهمة وطنية لا مجال فيها لرئيس يأمر مرؤوسيه ..
لا يكل ولا يتعب من العمل ويتمتع بقدرة هائلة على تحمل الجهد الكبير سواء من الناحية الجسدية او النفسية ..
يقول أحد من عمل معهم " لقد كان العميد الفراية حازما ولكن حزمه كان ممزوجا باحترامه لجميع زملائه في المركز وكانت الابتسامة الوقورة لاتفارق محياه " ..
وفي لحظة وطنية صعبة وقع الأختيار على العميد مازن الفراية ليكون وزيرا للداخلية في ظرف استثنائي لا يمر الاردن به وحده ، بل ألقى بظلاله السوداء على العالم أجمع .. فتحمل الرجل المسؤولية وصدق اليمين وكان على قدر المسؤولية ، ودخل الوزارة كابن وطن .. عسكري عانق السلاح وصقلته ميادين الرجولة .. فكان الجندي والقائد الجاد المثابر المحافظ على شرف الجندية .. و كما كان هناك .. كان هنا في وزارة الداخلية نفس الصفات صدق وجدية واخلاص وتواضع .. فترك تعيينه وزيرا للداخلية ارتياحا عاما و كبيرا عند الاردنيين لما عرفوه عنه إبان إدارته لملف وباء كورونا ..
فتح أبواب الوزارة للجميع، وتصدى لأهم قضية أرقت الاردنيين، والتي كانت تتجلى بالجلوة العشائرية وانعكاساتها الخطيرة على العائلات والمجتمع بشكل عام ..
فشمر عن ساعديه وفتح الملف دون تردد ولم يأخذ بعين الإعتبار حساسية أي طرف على حساب الطرف الاخر. إستطاع الرجل أن يخلق إجماعا وطنيا على وضع وثيقة شرف تتجاوز بنودها معظم الارتدادات المدمرة لمبدأ "الجلوة " واعتبر هذا الإنجاز خطوة مقدمة على طريق انهاء الملف بالكامل لانقاذ المجتمع الاردني من مصائب ما بسمى بالجلوة على الناس ،الذين من أجلها يرغمون على ترك منازلهم وارزاقهم ويحملون ابناءهم بعيدا عن ديارهم ظلما بسبب جريمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل .. ومن هنا أطلق الفراية النداء الخالد لقول الله تعالى " ولا تزر وازرة وزر أخرى" وكان هذا العمل والإنجاز فتح كبير في العرف والقانون العشائري ..
ويبرز مازن الفراية مرة أخرى كرجل المهمات الصعبة ،حينما وقع الحادث المشؤوم في مستشفى السلط ليتسلم وزارة الصحة الى جانب وزارة الداخلية .. و بالرغم من ابتعاد اختصاص كل وزارة عن الاخرى إلا أنه قبل التحدي، وقاد وزراة الصحة بكل كفاءة واقتدار و أجرى اصلاحات كثيرة فيها و بدأ برنامج القضاء على البيروقراطية والترهل، وظل يعمل بكل جهد وجد الى ان تولى مسؤوليتها غيره .
هذا قليل من كثير عرفناه عن العسكري والسياسي وابن البلد مازن الفراية الذي يمثل نموذجا كبيرا ومميزا للشباب الاردني الذي يخرج من بين الناس وليس من الصالونات السياسية، ليقول للجميع إن في المدن الاردنية والقرى والبوادي شباب يستحقون الفرص ليظهروا إبداعهم وتفوقهم ..
مجمل القول .. لم يتغير الرجل ولم يستعلي على محيطه ومجتمعه، وحافظ على محبة الجميع بتواضعه وصدقه ،ولم يقطع حبل الود مع اقربائه واصدقائه .. هدا هو مازن الفراية العسكري الجاد والسياسي الصادق .