يصادف اليوم الثلاثاء 18/7/2023 ميلادي 1/1/1445 هجرية، أي بعد 1444 من العام الأول لهجرة الرسول ﷺ وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة. فكل عام هجري وميلادي والمسلمين في جميع أنحاء المعمورة بكل خير من الله وعساهم من عواده. نستذكر في هذه المناسبة أحداث هجرة الرسول وصاحبه ابو بكر بإختصار لأخذ العبر الإستفادة. كان سبب الهحرة لما كان الرسول واصحابه يلاقونه من أذى وعذاب من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة عمه ابو طالب. وكانت الهجرة في العام 14 للبعثة، الموافق لـ 622م، واتُّخِذَت الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. بعد ان آذن الله للرسول ﷺ بالهجره من مكة ليثرب ذهب ﷺ لأبي بكر ليخبره بذلك، ليتجهزا للرحيل، وقدّم أبوبكر راحلتين، كان قد أعدّهما لهذا السفر الطويل، واستأجر عبد الله بن أريقط، ليدلّهما على الطريق. خرج رسول الله ﷺ وأبو بكر من مكة المكرمة في الخفاء، وأمر أبو بكر ابنه عبدالله بأن يتسمع أخبار أهل مكة، وأمر عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهاراً، ويريحها عليهما ليلاً، وكانت أسماء تأتيهما بالطعام، وعند وصولهما إلى الغار، دخل أبو بكر الغار وذلك ليتأكد أمان الغار لرسول الله ﷺ وما أن دخلا إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار، فسترتهما من أعين الناس، وبالأخص قريش. وعندما اعلنت قريش عن جائزة مائة من الإبل لمن يأتي بالرسول، جهز سراقة بن مالك بن جُعْشُم المدلجي الكناني فرسه وإنتلق يقتفي أثر الرسول ﷺ وأبا بكر لأنه كان خبيرا في إقتفاء الأثر. وكان كلما أراد سراقة الإقتراب من رسول الله ﷺ غرزت قدما فرسه في التراب، حتى ناداه رسول الله ﷺ، وأعطاه الأمان على أن يدعو الله أن يكشف عنه ما أصابه، وكتب له رسول الله ﷺ كتاب أمان (بسوَارى كسرى ومنطقته، وتحققت نبوءة النبي لسراقة فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه)، على أن يكف سراقة عنهما الطلب، ويقول لقريش بألّا يبحثوا في الجهة التي هاجر منها رسول الله ﷺ لأنّه قد بحث فيها جيدًا. بمجرد معرفة أهل المدينة من الأنصار عن خروج رسول الله ﷺ من مكة إليهم خرجوا لإستقباله، فإذ هو في ظلّ النخلة مع صاحبه الصدّيق، واستقبلهما ما يقارب خمسمائة من الأنصار، وأقام حينها بقباء أربعة أيّام بنى فيها أول مسجد في الإسلام، وهو مسجد قباء.
فكانت للهجرة النبوية نتائج عظيمة نسرد بعضها: التكافل الإجتماعي كان مجتمع المدينة طوائف مختلفة، فبدأ بالمهاجرين والأنصار وآخى بينهم، ونظم العلاقات بين المسلمين واليهود، فكتب كتابًا قرر فيه الحقوق والواجبات لكل فئات شعب المدينة. بناء الإقتصاد الإسلامي، حيث وجد رسول الله ﷺ بأن أ ل ي ه و د قد سيطروا على الإقتصاد في المدينة (ما زالوا مسيطرين على الإقتصاد العالمي حتى وقتنا الحاضر)، معتمدين على الإحتكار في تجارتهم واستغلال حاجة الناس، فقرر رسول الله ﷺ تصويب الوضع وإقامة سوق إسلامية. تكوين قوة عسكريّة حيث إهتمّ رسول الله ﷺ ببناء جيش إسلامي، وذلك لمحاربة أعداء الدين الإسلامي. بناء المسجد النبوي كان للمسجد النبوي أهميته في الإسلام، فقد كان بمثابة منبر إعلام وإشعاع فكري بالنسبة للمسلمين، وكان مقرًّا للشورى. لا بد من ذكر شخوصٌ بارزة في الهجرة النبوية وهم: علي بن أبي طالب، مكث في فراش النبيّ بأمرٍ منه، فلبس ثياباً للنبيّ، ونام مكانه، ليخدع رجال قريش الذين تآمروا على قتل النبي، ويردّ الأمانات التي كانت عند النبي ﷺ لأصحابها.عبد الله بن أريقط، إستأجره أبو بكر ليدّلهما على الطريق. عبدالله بن أبي بكر، كان يأتي بأخبار مكة. أسماء بنت أبي بكر، كانت تأتي بالطعام إلى رسول الله ﷺ وأبي بكر. عامر بن فهيرة، أمره أبو بكر الصديق بأن يرعى غنمه. سراقة بن مالك، فقد خرج من مكة، متقفيًا أثر رسول الله ﷺ. إضطر رسول الله ﷺ للخروج من مكة المكرمة، ليكمل دعوته إلى الإسلام، فلم تدعه قريش من القيام بمهمته، فحينما خرج منها، التفت ﷺ لمكة قائلاً بأنها أحب البلاد إلى الله وإليه ولولا قريش لما خرج منها. يتبين مما سبق انه كان للهجرة النبوية دورا كبيرا في إنشاء الدولة الإسلامية، وإنجاز العديد من الفتوحات الإسلامية، وسببا في دخول الأعداد الهائلة من الناس في الدين الإسلامي أفواجا وصدق الله (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (النصر: 1-3))، تأكيداً على أنّ الصبر على المحن مؤذنٌ بظهور المنح، فقد خرج رسول الله ﷺ من مكة المكرمة كارهًا، وعاد إليها فاتحاً، ودخل ويدخل وسيدخلون النّاس في دين الله أفواجا.