أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

وليمة


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

وليمة

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
قبل عامين دعاني خالد رمضان لوليمة في منزله, هناك الأمور بسيطة جدا.. فأنت تستطيع دخول المطبخ وتستطيع أن تقوم بتسخين الخبز وحدك, أيضا لا ضير أن تضع (جريدة) أسفل الطعام, ومن الممكن أن تحضر (البشكير) من على المغسلة, من الممكن أيضا أن تجلس (أرضي)... ومن الممكن أن يقوم خالد رمضان (بتفغيج) البصل بيده.. وللعلم أثناء انهماكنا في الوليمة, دخلت قطة وشاركتنا الطعام.. واعتبرناها من اليسار.
الطعام كان (معاليق).. (الغماس) كان في أعلى درجاته, وتخيلوا منظر الزيت (بهرهر) من أيدينا, تخيلوا أيضا أن خالد قرر أن يتزوج السياسة والعمل النقابي, لهذا اختار من الأردن وفلسطين أسرة وأطفالا.. وترس جدران المنزل بكل صور العودة, وبكل أعلام البلد..
المهم بعد انتهاء الوليمة, وحتى تكون يساريا محترفا عليك بمشاركة خالد في الجلي.. وعليك بمشاركته أيضا في طرد القطة التي شبعت وأحضرت معها نصف قطط الحارة.
بعد أسبوع من الوليمة دعيت لمنزل صديق أيضا, كان خالد معنا... لكن الأمر كان مختلفا لأن هذا الصديق جعلنا نبدأ الجلسة بالسيجار الكوبي الفاخر, بعد ذلك وضعوا مجموعات من الأطباق الصغيرة أمامنا, احتوت على كل شي.. بما فيها (السلمون المدخن).. وامتلكت سؤالا ظل يحيرني, وهو بالمناسبة ذات السؤال الذي كان يشغل بال خالد.. لماذا لم يحضروا الخبز, نحن نحب (الغماس).. مع ذلك مررنا القصة.
كانت العاملة الفلبينية, تحضر كل دقائق.. ويتحدث معها المعزب (بالإنجليزية), لكن القطط لم تحضر للأسف, ما شاهدناه هو كلب العائلة الذي كان يطل كل نصف ساعة من خلف الباب ويأتي للمضيف ويحضنه ثم يغادر... للعلم الكلب كان مؤدبا ومستغربا منا, بعكس قطط خالد رمضان التي كانت تقفز على الطاولة, وتلك المرة الأولى في حياتي التي أشاهد قطا يتناول (بابا غنوج).. والأهم أن قطط خالد جاءت من الحارة, ولا تتأثر بالطرد, حتى لو قمت بمطاردتها (بالحفاية) تبقى مصرة على أخذ حصتها.
طبخات الأحزاب في بلدنا, الأصل أن تشبه ولائم خالد رمضان.. الأصل أن تقوم على البساطة على القواسم المشتركة بين الناس, على الوطن الذي تعلق صوره على جدران القلب قبل أن تعلق على جدران حيطان المنزل, طبخات الأحزاب في بلدنا الأصل أن لا يكون فيها بعض التكلف أو التصنع.. والأصل أيضا أن تقوم بين الناس الذين تجمعهم قواسم الحياة والعشق والبلد.. لا قواسم المال والسلطة وحب الظهور.
على الموائد التي تشبه موائد خالد رمضان, قامت نصف الأحزاب العربية... ووجدنا تعريفا لأنفسنا على تلك الموائد وهو: نحن الشعب الذي يقاسم حتى القطط لقمة عيشه..
لكن صدقوني المال لايصنع حزبا, هي المبادئ وحدها من تصنع الأحزاب..
على كل حال, معنى اليسار لا يرتبط بالتنظير والحديث والأن جي أوز... واللغة وقراءة كل ما كتب كارل ماركس, لليسار معنى اخر في قاموسي وهو: أن لا تكون بخيلا في الحب حتى مع القطط, وتشاركها خبزك..
شكرا للقطط التي ألهمت كاتبا مثلي، ليعطي تعريفا لمعنى الحياة الحزبية ولمعنى اليسار.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ