أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الهجرة وبناء النخبة


بلال حسن التل

الهجرة وبناء النخبة

مدار الساعة ـ
تنقضي الايام والسنون والعقود والقرون، ولاتنقضي دروس وعبر الهجرة النيوية المباركة من مكة إلى المدينة المنورة، التي نعيش هذه الأيام في افياء ذكراها.
اول الدروس التي نتعلمها من الهجرة النبوية، ان التغيرات و التحولات الكبرى في حياة المجتمعات والإمم تحتاج إلى بناء نواة صلبة قادرة على التضحية وتحمل كلف التغير والتحول في محيطها، وأول مداميك بناء هذه النواة هي بناء القناعة عند افرادها بالفكرة والتضحية في سبيلها، فلا تغير يقوم بلا فكرة، ولا انتصار وانتشار للفكرة دون التضحية في سبيلها، لذلك أمضى رسول الله عليه السلام ثلاث عشر سنة في مكة، لم يؤمن به خلالها وبما جاء به، الا ماهو اقل من مئة رجلا وامرأة وطفلا، شكلوا النخبة التي ستصنع بعد ذلك التغير، ليس في مكة فحسب، ولا في جزيرة العرب فقط،خلال اقل من عشر سنين، انطلقت بعدها لاحداث التغير على مستوى البشرية، بعد ان اثبتت النخبة التي تربت في مكة قبل الهجرة، صبرها على البلاء والامتحان وكل انواع التعذيب وصولا إلى القتل، كما اثبتت قدرتها على التضحية بالمال والولد وحتى بالحياة، متجردة من كل مطمع، ناذرة نفسها لنصرة الفكرة التي آمنت بها. حيث استطاعت هذه النخبة المختارة ان تغير اولا مافي نفوس افرادها، كما استطاعت ان تحول النصوص التي آمنت بها إلى سلوك تعيشه في تفاصيل حياتها اليومية، حتى وهي تعيش في المحيط المعادي لها.فكانت التربية بالقدوة خير وسيلة لترسيخ الفكرة ونشرها وصولا إلى انتصارها،
وأخراجها إلى العالمية.
نعم لقد كانت الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة هي الخطوة التأسيسية للانتقال الدعوة إلى العالمية تحقيقا لقول الله بأن محمدا عليه الصلاة والسلام إنما بعث للناس كافة، فقد تلى الهجرة النبوية ان العرب تحولوا بعدها بسنين معدودة من مجموعات متفرقة مقاتلة تابعة ومستعمرة، إلى قوة ضاربة قادرة على زلزلة أقوى الامبرطوريات في ذلك العصر، وهذا هو سر البناء العقدي القادر على تحويل الضعفاء إلى حملة رسالة وصناع تغير حضاري، هو امر قابل للتحقق كلما توفرت النخبة المؤمنة، والصلاة والسلام على صاحب الهجرة محمدا عليه السلام.
مدار الساعة ـ