جامعة مؤتة بالكرك كانت الجولة الثانية لرئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وفريقه من حوارات بدأتها مع طلبة الجامعات لشرح مسارات الاصلاح الثلاثة، السياسي والاقتصادي والاداري.
الرئيس خاض حوارا حرا مع طلبة جامعات الجنوب على غرار الحوار الاول الذي كان مع طلبة جامعات الوسط ولا شك ان طلبة جامعات الشمال سيكونون على موعد مع حوار مماثل.
ميزة هذه الحوارات انها مباشرة والطلبة فيها احرار في توجيه السؤال الذي يدور في اذهانهم والرئيس كان يجيب سعيا منه لشرح خطة الدولة في المحاور الثلاثة.
هي خطة دولة وليست خطة حكومة وهو ما جعلها عابرة للحكومات مرتبطة بعقد من الزمن.
خطة دولة لانها وضعت بتشاركية فالمحور السياسي وضعته لجنة ملكية ضمت مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد والمحور الاقتصادي وضعته ٣٠٠ شخصية مثلت معظم المؤسسات والهيئات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص اما الادارية فهي شأن القطاع العام الذي استعان بخبراء من القطاع الخاص لوضعها واخذت في الاعتبار رؤيته لقطاع عام مهمته خدمة الناس.
حسنا فعلت الحكومة اذ اختارت طلبة الجامعات (الشباب) عتبة لإطلاق هذه السلسة من الحوارات.
الحكومة في ذلك كانت تستجيب أولا لتوجيهات الملك، وثانيا لأنها تحتاج إلى تفهم المجتمع لهذه البرامج ودعمها والتفاعل معها.
ما يشغل بال الطلبة هو اليات المشاركة السياسية بحرية فهم يؤيدون ان يكونوا شركاء في صنع القرار مع ان الخبرة مطلوبة في هذا المجال لكن لا بأس فالتجربة مطلوبة
وما يشغل بال الشباب هو المستقبل في العمل والدخل والحلم في حياة افضل.
هذه هي افضل حال لترتيب الاولويات الى ان وجدنا ان السياسي لا يمكن فصله عن الاقتصادي ومن دون قطاع عام يشكل بيئة حاضنة لا يمكن تحقيق الاهداف التي حددتها الخطط.
بعض أوساط لامت الحكومة على ضعف التواصل الميداني، وهاهي تلومها لأنها تواصلت وتطالبها بتقديم الوعود.
لا نشك لحظة في توفر الإرادة القوية والرغبة الصادقة والتصميم الأكيد عند رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة وفريقه في شراكة المجتمع، وحديثه أمام طلبة الجامعات هو توطئة لسلسة بدأت وستمتد الى باقي المحافظات.
حق الطلبة والناس عموما في الحصول على تطمينات حول المستقبل وملاحظاتهم وتساؤلاتهم وشكوكهم صحيحة ومحقة، على ضوء تجارب سابقة من خيبات الأمل وربما تجاوزوا ذلك عندما انتظروا وعودا كبيرة.
مرة اخرى لم يقطع الرئيس وعودا لا يمكن تحقيقها أو منح امل يجافي الواقع، ولو أنه فعل لكن ذلك خدمة مجانية لتوسيع فجوة الثقة.
تركيز الرئيس انصب على المشاركة السياسية ومنح تطمينات تدعم هذه المشاركة التي تعني الشراكة في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي عندما يصل هؤلاء الشباب الى سدة القيادة في السلطات التنفيذية والتشريعية.
الكلفة المنتظرة للوعود المنتظرة تفوق طاقة الحكومة التي تعاني من العجز في الموازنه وتعتمد على سخاء المانحين والدائنين والحديث عن الثروات الطبيعية غير الموجودة هي تلك الثروات التي تشكل روافع اقتصادية للدول المنتجة للنفط والغاز.
جولة الرئيس وفريقه هي لشرح الخطط وحصد اكبر مستوى من التفاعل معها وهي ليست للاستماع الى الاحتياجات والمطالب والشكاوى وهو ما كان موجودا في وعي الشباب فلم تكن الاسئلة خاصة ولم الحظ ان طالبا واحدا دس في يد الرئيس ورقة فيها مطالب خاصة.
لم يكن الرئيس مدين لاطلاق ايضاحات حول بعض سوء الفهم الذي نجم عن اللقاء الاول وحسنا فعل اذا تجاوزه لان عينه على الهدف وليس هنا مجال افتعال او التورط في قضايا جانبية وقد بادله الطلبة هذه الرغبة.
نحن امام جيل لا يحب في التدليس ولا يرغب في الوعود يعرف تماما امكانيات الدولة لا يطلب سوى توفير الفرص في بيئة من العدالة وتكافؤ الفرص.
جيل ليس بحاجة الى كلام زاخر بالوعود والتعهدات التي تبدأ بكلمة سوف، وجاء الوقت للعمل بما هو متاح.
لا ينتظر الناس والشباب منهم معجزة اقتصادية واجتماعية بل ينتظرون ارادة صلبة لتنفيذ الخطط وحصد النتائج.
ليس مطلوبا من الرئيس أن يواصل الدق على صدره يتعهد ولا ان يطلق الوعود، المسؤولية تقتضي حكومة تعمل كانها مقيمة ابدا حتى لو رحلت غدا.