إن إصلاح الاقتصاد يبدأ اليوم بضرورة تحويله من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وهنا تبدأ التنمية بالاعتماد على الإنتاج الصناعي والتصنيعي وذلك باستخدام كل الموارد والثروات الوطنية ونحن لدينا تميزاً وطنياً بالثروة والطاقات بشرية، وهذه الفلسفة تبعد أي اقتصاد عن مخاطر واهتزازات وتحولات الأسواق، وعن الازمات السياسية والحروب وتفاعلاتها لا بل تعزز الاعتمادية الوطنية بالاكتفاء الذاتي الوطني لكثير من الاحتياجات الوطنية.
فالفائدة من بناء الاقتصاد الإنتاجي يبعد الدولة عن الريعية ويقوي من دورها الاجتماعي، وهو ما يعني صناعة اقتصاداً حقيقياً ونمواً مستمراً ينعكس طردياً مع نمو الزيادة السكانية، علاوة على الانعكاسات المزعجة بنسبة التضخم وارتفاع الأسعار والتي تؤدي الى ضعف القوة الشرائية وهذا ينعكس بالتالي على إيرادات الدولة.
اليوم نرى ونلمس التبعات الاجتماعية والسياسية والتغير في الامن المجتمعي والمفهوم العام والتي لم تعد تلقى أي ثقة ورضا عند الناس ويعتبرونها تتعارض مع كثير من واجبات الدولة الدستورية.
وكما هو معروف فان مستوى التقدم الاقتصادي يقاس بالتقدم الصناعي والانتاجي واليوم أصبح ايضاً الاقتصاد الرقمي يسير على التوازي معه، وهنا علينا أن نرفع من مساهمة هذه الاقتصاديات في وطننا لكي نرفع من سوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص عمل وتشغيل ومشاريع إنتاجية مجتمعية وكل هذا سيحسن من قوة الاقتصاد الوطني وتقدمه، وهنا أسجل التقدير للبداية الناجحة الجريئة في انشاء وصناعة الشركات المجتمعية التي بدأ بها الديوان الملكي العامر.
أعتقد انه أصبح لزاماً البدء بخطوات طموحة بما نملك من مقومات وثروات وقوى بشرية باتجاه البناء في كل الاتجاهات وفق استراتيجية تقودها الدولة بتشاركية حقيقية مع القطاع الخاص ومصادر الاستثمار الذي يملك إمكانات ضخمة ولكنها أحياناً معطلة أو تصطدم بدهاليز الروتين الإداري والفساد أو الإدارة غير المؤهلة، وكما أن الاقتصاد مبني على العلم فهو ايضاً من اتجاه أخر تجارب ناجحة خطتها دول كثيرة وبإمكانات أقل مما لدينا وصنعت اقتصاديات قوية ونمو عالي، وهنا الامل بأن نأخذ بالعلم والتجربة ونسير بخطوات ثابتة على طريق الوصول الى ال?قتصاد الإنتاجي بقواعد ثابتة وطنية تؤمن نمو مستدام وازدهار كل القطاعات، والانتباه الى اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار والرقمنة والذكاء الاصطناعي وعلوم التكنولوجيا المتطورة.