جاءتني رسالة من الولايات المتحدة من صديقة قديمة أمريكية من أصول هندية مذيلة بتوقيعها حملت عنوان «قصتي في صور", هذه المرأة التي بدأت رسالتها بقولها: «أفتخر بأنني إبنة لمهاجرين قانونيين, كنا الأسرة الهندية الوحيدة في بلدتنا الجنوبية الريفية الصغيرة, كان والدي يرتدي عمامة, لا يزال يفعل حتى يومنا هذا وكانت أمي ترتدي الساري, لا أحد يعرف من نحن، وماذا كنا أو لماذا كنا هناك, كنت فتاة بنية في عالم أبيض وأسود."
وأكملت بقولها: «لم يكن كل يوم رائعاً, لكن كل يوم كان أفضل من السابق, بدأت في إعداد الكتب في متجر أمي عندما كان عمري 13 عاماً فقط، وبعد التخرج من كليمسون بدرجة محاسبة والعمل في عالم الشركات، عدت إلى متجر العائلة. رأيت كم كان من الصعب جني الدولار وكيف كان من السهل على الحكومة أن تأخذه, عندما ذكرت إحباطاتي لأمي، قالت لي: لا تشكي. إفعلي شيئًا حيال ذلك."
بعد أن خدَمتْ في المجلس التشريعي للولاية، ترشَحَتْ لمنصب حاكم ولاية جنوب كارولينا وفازت للأعوام من 2011-2017، وقالت: «كنت المستضعف, كنت أقل المرشحين تمويلاً والأقل شهرة في السباق الجمهوري, لكننا سوياً فزنا,ثم خفضنا الضرائب وخلقنا آلاف الوظائف وأعدنا تنشيط إقتصادنا", وبعد ذلك خدَمتْ بإخلاص في الأمم المتحدة كمندوبة دائمة لبلادها لمدة عامين من 2017-2018. وأختتمت بقولها: «أنا أفتخر بكوني أمريكية, وأفتخر كإبنة لمهاجرين هنود وزوجة عسكرية, أنا محافظة, وأنا مواطن ممتن يعرف أن أفضل أيامنا ستأتي، إذا إتحدنا وكافحنا ?إنقاذ بلدنا, وسأسعى الآن لأكون الرئيس القادم للولايات المتحدة."
هذه السيدة هي Nikki R. Harley المرأة العصامية الأمريكية من أصول هندية إبنة ال51 عاماً, آمنت بأن النقود واللوبيات والمحسوبيات والشهرة لا توصلها إلى السلطة, فهي لم تمتلك المال لكن إمتلكت الصبر والعزيمة والمثابرة والذكاء, فهي الآن ستترشح للإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة لعام 2024، وتحاول بكل شفافية طرح نفسها بكل ثقة ووضوح بدون إستحياء من ماضيها,وهي الشخصية القيادية والتي قالت للرئيس الأمريكي السابق ترامب والذي سينافسها في هذه الإنتخابات على قناة Fox News قبل شهرين: «لا أعتقد وأنت تبلغ الثمانين من عمرك ست?ضي لقيادة البلاد.",لقد قالت أيضاً في حملتها: » حان الوقت لجيل جديد من القيادات."
إن أكثر ما شد إنتباهي ما قالته برسالتها بأنني حنطية اللون Brown في عالم البيض والسود في بلدي, هذه رسالة تعني بأنها تقف بنفس المسافة أمام جميع الأمريكيين لا تميّز بينهم, ومدلول قوي بأنها لن تنحاز لحزب عن الآخر كونها من الجمهوريين وكيف لا وقد إنتقدت الرئيس السابق ترامب.
فلماذا لا تكون هذه المرأة العصامية الذكية الرئيسة القادمة للولايات المتحدة؟ في ظل التجاذبات الداخلية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري والثغرات والمعاضل التي خلفها الرئيسين السابق والحالي في السياسية الخارجية الأمريكية والتي كنتُ قد ذكرتها في مقال سابق في جريدة الرأي الغراء قبل عدة أشهر بعنوان: «من سيرأس الولايات المتحدة للفترة القادمة"؟.
فالولايات المتحدة هي الدولة الأولى في العالم التي تطبق الديمقراطية على شعبها في الداخل رغم تحفظي على بعض ديمقراطيتها وسياستها في الخارج, فهي التي أوصلت رئيساً من أصول إفريقية إلى سدة الحكم من خلال الرئيس الأمريكي باراك أوباما, لن تعجز أن توصل رئيساً من أصول هندية إلى سدة الحكم بكل نزاهة وشفافية.
فحب الوطن والإنتماء له وخدمته يكمن بدعم من يكون الأنسب والأفضل لتبوء المراكز بعيداً عن الشللية والمحسوبية وأي إعتبارات أخرى كما قالت المرأة الهندية.