ولكن حين نقرأ مثلا تجربة مهرجان المربد في العراق, نكتشف أن الغاية منه كانت تصدير المشروع الثقافي العراقي وتصدير المشروع القومي.. بمعنى اخر أن العراق يؤثر أكثر مما يتأثر... لا أنسى تجربة مهرجان تدمر السياحي والثقافي والفني في سوريا, والتي انتهت بعد الأحداث الدامية، هذه التجربة كانت تركز أيضا على ترويج المشروع الثقافي والسياحي وحتى السياسي السوري وتصديره للخارج أيضا, وفعلا نجحت سوريا في أن تجلب الكل إلى هذه المنطقة البعيدة عن العاصمة.

السعودية أيضا وعبر مهرجاناتها التي تقام في (القصيم), كانت تركز على هويتها وثقافتها.. ففي حفل الإفتتاح يجب أن يغني محمد عبده, ويليه خالد عبدالرحمن.. ثم يأتي بعض الفنانين من الخليج العربي, المهرجانات الفنية والثقافية في السعودية غرضها هو تصدير النموذج الفني السعودي, وتعميم الثقافة السعودية والإنفتاح... صدقوني أن السعودي يعتز بطلال مداح أكثر من عبدالحليم وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب مع احترامه واحترامنا لفنهم.

الغاية من مهرجان جرش الأصل أن تكون في عرض مشروعنا الوطني, سردية الدولة.. عبر الفن والثقافة, الأصل أن نقدم عبر هذا المهرجان قصة الدولة الأردنية عبر مسرحية ضخمة, وقد يكون من المهم دعم المسرحيين الأردنيين من أجل إنتاج سردية مسرحية للدولة.

نستطع عبر جرش أن نصدر منتجنا الثقافي ولا الفني, خاصة وأن جرش منصة عربية مهمة نستطيع من خلالها أن ننتج فريقا مسرحيا وطنيا, كما نستطيع أن ننتج أوركسترا تابعة لوزارة الثقافة.. تعرض في حفل الافتتاح, نستطع كذلك أن ننتج مشروعا في إحياء التراث أو الفلكلور الأردني.

يمكن رفد مهرجان جرش بأستاذ في الأدب العربي، أستاذ في الفكر المقارن.. ويمكن ادارة المهرجان وفق استراتيجية وطنية تهدف لتصدير مشروعنا. نحن الدولة الوحيدة في الربيع العربي, والتي استطاعت عبر وعي وصبر الإنسان الأردني أن تكسر مجاديف هذا الوحش الجارف.. نحن الدولة الوحيدة في المحيط العربي وبالرغم من شح الموارد, استطعنا أن ننتج أفضل نظام تعليمي وصحي في العالم العربي.. نحن الذين أنتجنا أهم نظام سياسي في المنطقة العربية والمحيط, لم يسجل عليه أنه تورط بالدم أو السحل أو الإقصاء.. أو توجيه المدافع للشعب...

نحن نمتلك من المقومات ما يجعلنا نصدر كل هذه القيم والسجايا وقصة الدولة والنظام إلى العالم العربي كله.