الجهود التي بذلت خلال الاشهر الماضية في اعداد وصياغة مشروع قانون معدل لقانون السير مميزة غير انها مازالت لا تكفي لوقف ظاهرة «الموت المجاني» الذي نشهده بكل يوم في شوارعنا وبمختلف محافظات ومناطق المملكة، فهل العقوبات المفروضة بهذا التعديل كافية؟.
الاحصائيات التي تتحدث عن اعداد حوادث السير وما ينتج عنها من وفيات واصابات مرعبة، وللاسف هي في غالبيتها ناتجة عن الاستهتار والطيش وضعف العقوبات الرادعة، فكل يوم بتنا نسمع عن وفيات وكذلك عشرات الاصابات الخطرة، فتخيلوا ان اعداد من قضوا نتاج حوادث السير بالمملكة يتجاوز 3 الاف خلال الستة سنوات الماضية ناهيك عن عشرات الالاف من الاصابات الخطرة والمتوسطة.
للاسف العقوبات التي كانت بقانون السير المراد تعديله غير رادعة وضعيفة وتحتاج الى تغليظها ولكن بشكل اكثر ردعا من العقوبات التي نص عليها مشروع القانون الذي سيتم اقراره قريبا و خلال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، فلا يمكن ان تبقى العقوبات على ما هي عليه الان وخاصة اذا ما علمنا ان أكثر من 90 % من الحوادث التي شهدتها المملكة خلال السنوات الست الماضية والتي تجاوز عددها مليون حادث سير تعود بأسبابها لأخطاء ومخالفات للقانون من قِبل السائقين الذين يدفع الابرياء والملتزمون ثمنا باهظا لاستهتارهم وطيشهم.
تعديل قانون السير جاء متاخرا ولكن ان يأتي متاخرا افضل من ان لا يأتي وذلك لحماية الانسان الاردني من كافة الاخطار التي يتعرض لها بشكل يومي ووقف الماسي التي اصبحت ملازمة للاسف بكل مناطق المملكة وغالبية بيوتها، فكان لزاما على الجهات الرسمية أن تضع حدا لهذه الفوضى التي تشهدها شوارعنا وبشكل يومي، فكيف لا يخالف المتهورون القانون وهم يشعرون بضعف العقوبات والتي لا تشكل رادعا لهم لا بل انها تجعلهم يستهترون في كسر قواعد السير.
ضعف العقوبات الرادعة والتي ايضا مازالت دون الطموح في التعديلات الجديدة تسببت خلال الاعوام الستة الماضية بقطع 45 ألف سائق للإشارة الضَّوئية حمراء بينما عاكس 23 ألف سائق السير بالطرق العامة وكما تم تسجيل ألف و700 مخالفة قيادة متهورة لسائقين حتى منتصف شهر أيَّار الماضي، وهذا يدل بشكل واضح على استسهال انهاك قوانين السير مادامت العقوبات لا تتجاوز بعض من الدنانير.
الغريب بالموضوع أن غالبية المواطنين يتغنون بانتظام السير في دول مجاورة وكذلك التزام السائقين بقواعد السير فيها، ولا يعلمون ان سبب هذا النظام والالتزام يعود لوضع تلك الدول لعقوبات كبيرة جدا، ففي احد تلك الدول عقوبة قطع الاشارة حمراء تتجاوز 5 الاف دينار اردني وتسحب رخصة ويمنع من القيادة لفترة زمنية محددة، بينما هم انفسهم يعترضون على العقوبات والمخالفات ويتهمون الحكومة بالجباية عن مخالفتها لاي من السائقين غير الملتزمين، فلماذا هذا الانفصام بالرأي ؟.