ربما يكون مشروع العطارات هو المشروع الوحيد, الذي يمنحنا استقلالية وطنية في الطاقة, فهو من مخزوننا من الصخر الزيتي, ولا نحتاج الى احد ولا نخضع لاحد, هكذا تم تقديم مشروع العطارات وهكذا هو فعلا, وبالتالي الانحياز للمشروع هو تحصيل حاصل, لكن اللغط الذي صاحب المشروع يحتاج الى مكاشفة وشفافية, وسط تباين في الرأي وتناقل معلومات تشوبها الشوائب, سواء من حكومات سابقة, او من وزارة الطاقة والثروة المعدنية الحالية التي تكتفي باعلان خبر لا يسمن ولا يغني من جوع.
ما نحتاجه هو اصل الخلاف مع العطارات, وهو سعر الكهرباء الناتجة من المشروع والتي تصل الى 120 فلسا في المرحلة الاولى ثم تبدا بالتراجع, فهل هذا السعر كان عادلا؟ وهل ثمة فرص ضاعت او مكاسب اهدرت اثناء مناقشة العروض المالية والفنية؟ فنحن نعلم ان هذه التقنية تتسارع في العالم كله, والان العروض تتراوح بين 12- 15 فلسا, وهو فارق مقلق, ويفتح باب الاسئلة الواجبة الاجابة, هل تراجعت فعلا كلف التشغيل الى هذا الحد؟ ام ان ثمة ما يريب في المشروع كله, ام ان فعلا ثمة غبنا فاحشا للاردن؟ ناجم عن عدم فهم من الفريق القائم على الاتف?ق حينها, او ناجم عن تفريط في المصالح الوطنية؟
كلنا يعرف الظروف التي انتجت التسارع في العطارات, وهي ظروف وطنية بمجملها, فالغاز المصري كان تحت طائلة العبث وطائلة لي الاذرع, والبترول في اعلى مستوياته, فكان البحث عن بدائل مشروعا وضروريا, لكن الم يكن هناك فريق قانوني ضمن الطاقم الفني والاداري, يمسك بمفاصل الاتفاقية ويُخضعها لمصالحنا الوطنية, ام ان الارتجال كان سيد الموقف؟ واذكر وزملاء ايضا يذكرون, يوم قامت حكومة الدكتور بشر الخصاونة, بفتح هذا الملف على مائدة حوار في دار رئاسة الوزراء, بحضور الوزراء السابقين والقائمين في ذلك الوقت, هالة زواتي, وبحضور مدير ع?م شركة الكهرباء الوطنية, وكليهما اشادا بالمشروع ونفى عنه اية شبهة فساد, فلماذا يعود الملف الى الواجهة, ولماذا لم نفاوض الشركة قبل الذهاب الى التحكيم, تحديدا وان اشارات ايجابية وصلت من شركاء, تتحدث عن استعدادهم للتفاوض على السعر.
لا نريد ان ينضم مشروع العطارت الى سلسلة الخراريف الشعبية, ويصبح الغول الجديد, اوان يبقى في دائرة المخيال الشعبي, فيستثمره كل راغب بالمناكفة او راغب في التأزيم, والحل واضح, بأن نفتح اوراق المشروع امام الرأي العام, لان الحديث عن الكلف التي ستتحملها الخزينة مرعب بكل المقاييس, فالكلفة تفوق احتمال الموازنة بالقطع وتصل الى 280 مليون دينار سنويا, كما اكد مصدر حكومي هذا الرقم, ولمدة 30 عاما, فلماذا لا تقوم وزارة الطاقة والثروة المعدنية, بفتح هذا الباب تمهيدا باغلاقه, اما بان هذه الحقائق هي الواقع, او بتحويل كل متس?ب بهذه الخسارة الى القضاء العادل, دون تركهم فريسة للرأي الغاضب, الذي حاكمهم مبكرا.
مشروع بهذا الحجم يحتاج الى مكاشفة حقيقية, والى توضيحات جدية, فنيا وسياسيا, دون تركه عرضة لكل من هب ودب, واذا كانت الامور مستعصية على المستوى الفني والتحكيمي, فثمة باب سياسي يمكن ولوجه, فقوة علاقتنا مع الصين تؤهلنا لذلك, وفوة ومتانة الديبلوماسية الاردنية بقيادة الملك قادرة على حلحلة القضية.