أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الذكاء الاصطناعي: وَعدٌ أم وعيد؟!


د. أحمد بطّاح

الذكاء الاصطناعي: وَعدٌ أم وعيد؟!

مدار الساعة ـ
لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الذكاء الاصطناعي وكيف أنه يمكن أن يكون بديلاً للذكاء البشري بل وأن يتفوق عليه، وإلى درجة أن تحذيرات كثيرة صدرت عن شخصيات ومؤسسات مهمة فقد صرح رئيس هيئة الأمم المتحدة (غوتيريش) بأنّ الذكاء الاصطناعي قد يكون في المستقبل أخطر من الأوبئة والحروب النووية، كما أشار (إيلون ماسك) صاحب "تويتر" و "تسلا" و "سبيس إكس" بأن الذكاء الاصطناعي قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة، وكان الفيزيائي الشهير (ستيفن هوكينج) قد ألمح إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يحمل نهاية الجنس البشري!
ولعلّ مما عزّز هذه التحذيرات والتخوفات "الإنجازات" التي قدّمها الذكاء الاصطناعي مثل روبورت (تشات جي بي تي) وما يقال إنه سوف يؤدي إلى بطالة (تتمثل في فقدان ربع الوظائف في الولايات المتحدة) وإلى انعدام الخصوصية، والسيارات الذاتية القيادة، وقراءة الأخبار (بدلاً من المذيعين)، وتسجيل جلسات المحاكمات، بل والتعرف إلى الحالة النفسية للبشر!.والواقع أن الذكاء الاصطناعي هو أحد تجليات الثورة الصناعية الرابعة، وأنّ لا أحد يستطيع أن ينكر الامكانات الهائلة التي يمكن أن تترتب على استعمالاته، ولكن من الجهة الأخرى فإننا يجب ألّا نفزع ونستسلم للخوف بسبب هذا التطور الجديد مستذكرين أن الذكاء الاصطناعي هو في الأصل استعمال تطبيقات حاسوبية مُعيَّنة لمُحاكاة الذكاء البشري، وبمعنى آخر فإن الذكاء الإنساني هو الخالق، والذكاء الاصطناعي هو المخلوق ولا يُعقل أن يتغلب المخلوق على الخالق. إن الذكاء الاصطناعي هو (ذكاء آلة) أيّ الحاسوب، ولا يمكن مقارنته بالذكاء الإنساني. صحيح أنه يستطيع التعلم وربما التفكير وحل المشكلات بحدود، ولكنه بالقطع لا يستطيع الاستدلال، والحدس، والتفكير النقدي، والواقع أن الذكاء الاصطناعي هو مُنجز تكنولوجي مِثلهُ مثل بقية المنجزات التكنولوجية التي تبهرنا عادة بل وتخيفنا في البداية ولكن سرعان ما نكتشف أنها تعتمد علينا: كيف نوظفها؟ وذلك بمعنى أننا قد نُوظفها لصالحنا وتفيدنا في هذه الحالة أيّمَا فائدة كاستخدام الطاقة النووية سلمياً كما يحصل في توليد الكهرباء مثلاً، وقد نوظفها في تدمير أنفسنا كما حصل عندما ضربت الولايات المتحدة مدينتي: هيروشيما ونجازاكي اليابانية حيث قتلت على الفور أكثر من ثلاثمائة (300,000) ألف إنسان!وكذلك قل في معظم منجزات التكنولوجيا بدءًا من الآلة البخارية ومروراً باختراع البارود وانتهاء بآخر المبتكرات التكنولوجية التي قد تداهمنا في كل يوم وتثير دهشتنا وتجعلنا نتساءَل: هل هذا مفيد أم ضار؟ هل نستطيع الإفادة منه أنه سوف يسيطر ويكون وبالاً علينا؟ وإدراكاً من الإنسان المعاصر للخطر المحتمل الذي قد يتمخض عن الذكاء الاصطناعي فقد بادرَ الخبراء والدول المؤسسات إلى عقد المؤتمرات واتخاذ القرارات المناسبة التي تضع "ضوابط" لهذا الذكاء وتوظيفه لصالح الإنسانية، وقد تم في هذا السياق عقد اجتماع للبرلمان الأوروبي قرّر خلاله عدداً من "الضوابط" المهمة، كما نظمت بريطانيا مؤتمراً دولياً للخبراء في هذا المجال آملةً أن تصبح هي "المركز" في توجيه الذكاء الاصطناعي، ووضع المحددات الضرورية له وبما يكفل الصالح الإنساني بشكل عام. لقد دلّت التجربة الإنسانية تاريخياً على أن الإنسان يخترع ويبتكر باستمرار (منذ اختراع النار) وقد يعاني أحياناً ولبعض الوقت من "ويلات" هذه الاختراعات والابتكارات ولكنه لا يلبث أن يسيطر عليها، بل ويوظفها لصالحه، وبالطبع فإن بعض الاخطاء في الممارسات قد تحدث، وقد يدفع الإنسان ثمنها غالياً، ولكنه لا يلبث أن يربح في النهاية، وختاماً فلنتخلص من "رُهاب" الذكاء الاصطناعي، ولنتفاءَل مصداقاً للمقولة الشهيرة: تفاءَلوا بالخير تجدوه!
مدار الساعة ـ