في سابقة متميزة، قررت مجموعة العمل المالي (الفاتف)، أن الأردن أكمل وبشكل أساسي تنفيذ بنود خطة العمل للخروج من القائمة الرمادية في منظومة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب.
الأردن أظهر قدرته على التوافق مع الإجراءات المالية الدولية، متجاوزة الموعد المحدد بخمسة أشهر، الأمر الذي يؤكد الالتزام العالي الذي قدمته الحكومة الأردنية.
العديد من الجهات المعنية، بإشراف البنك المركزي ومشاركة جهات عديدة من القضاء ووزارة الداخلية ودائرة مراقبة الشركات، أسهمت بجهود كبيرة في تنفيذ هذه الخطة، مما أدى إلى هذه النتيجة المبشرة، هذه الجهود المشتركة تساعد على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.
البنك المركزي أشرف مباشرة على خطة عمل واضحة للنهوض بترتيب الأردن وإخراجه من المنطقة الرمادية التي وضع فيها قبل أشهر والتي كانت لها آثار متعددة على بيئة الاقتصاد لدى المجتمعات والمؤسسات الدولية، ونجح فعلا بتنسيقه مع الجهات كافة بالسير بخريطة طريق نفذت بمهنية عالية، نجحت بالخروج من النفق المظلم الذي كاد الأردن أن يقع به لأسباب مختلفة.
دائرة مراقبة الشركات عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أيضا قامت بتطبيق خطة لتحسين تصنيف المملكة في مجموعة العمل المالي الدولي (فاتف)، وكانت الدائرة قد اعتمدت خطة عمل متوافقة مع المعايير الدولية، مما أدى في النهاية إلى إزالة المملكة من "القائمة الرمادية" في حزيران 2023، قبل الموعد المحدد بعام.
وتتألف الخطة من محاور عدة: المحور التشريعي؛ حيث تم تبني منظومة تشريعية فعالة من خلال تعديل قانون الشركات وإصدار نظام سجل المستفيد الحقيقي، إضافة إلى تفعيل التفتيش على نظام سجل المستفيد الحقيقي، ومحور إعادة هندسة الإجراءات والرقمنة: هنا تم تبسيط وتهيئة جميع الإجراءات لتتوافق مع التشريعات ومتابعة الخدمات اليومية وتفعيل الذكاء الاصطناعي في الخدمات، والمحور التوعوي والتدريبي: تم إصدار ونشر الدلائل الإرشادية وتقديم ورش توعوية للمستثمرين وأصحاب الشركات.
جميع هذه الخطوات أدت إلى تحقيق تقدم كبير في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المملكة.
الأردن أظهر، مجدداً، أنه قادر على التحلي بالمسؤولية وتحقيق الشفافية المالية، وهذا ما يجعله مركزاً جذاباً للمستثمرين، إذ إن خروج الأردن من القائمة الرمادية سيعزز من سمعته على الصعيد الدولي، ويسهم في تقليل التعقيدات المالية للمواطنين والشركات في التعاملات الدولية.
إضافة إلى ذلك، الخروج من القائمة الرمادية قد يسهم في زيادة فرص القروض الدولية للأردن، حيث تراقب المؤسسات الدولية الوضع الكلي للدول بخصوص منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وبذلك، يؤكد أن الحكومة كانت حريصة على الانتهاء من عملية الإدراج والخروج من القائمة في الوقت المحدد، وهو الأمر الذي ينعكس على نحو إيجابي على التصنيف الائتماني للمملكة والاستثمارات الأجنبية.
إضافة إلى ما سبق، تحقيق الأردن لمعايير "الفاتف" يؤكد التزامه بالمعايير الدولية في النزاهة المالية والشفافية، وهذا يعزز الثقة بالأردن كوجهة مالية آمنة وموثوقة للمستثمرين الدوليين، ويعزز الأعمال التجارية الأردنية على الصعيد الدولي.
إنجازات الأردن في هذا المجال تتخطى السمعة والثقة، بل تشمل أيضاً التحسين الملموس في الأداء الاقتصادي، إذ إن الانتقال من القائمة الرمادية يعني أن الأردن قد طور نظاماً متقدماً وفعالاً لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يقلل من الاحتمالية المحتملة للمخاطر المالية والتجارية.
زيادة على ذلك، يمكن أن يشجع خروج الأردن من القائمة الرمادية المزيد من التعاون الدولي في المجال المالي والاقتصادي، وهو الأمر الذي يمكن أن يفتح أبواباً جديدة للشراكات التجارية والتجارة الدولية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الأردني.
بالرغم من هذه التقدمات المهمة، يجب على الأردن مواصلة جهوده في تعزيز نظامه المالي ومكافحة الجرائم المالية، إذ إن التحدي القادم للأردن هو الحفاظ على هذه المعايير العالية وضمان التزامه المستمر بالتعامل مع المعايير الدولية.
في النهاية، يمكننا القول إن الأردن قد خطا خطوة مهمة نحو تحقيق مزيد من الاستقرار المالي والاقتصادي، وتوفير بيئة أكثر جاذبية للاستثمار، لذا، يجب أن نثني على هذه الجهود التي بذلتها الحكومة والمؤسسات الأردنية، ونأمل أن يواصل الأردن سيره نحو النمو والازدهار.