كان الغرب يتصور أن (بريغوجين) سيصل بقواته إلى موسكو, وأن بوتين سيتكرر معه السيناريو العربي وربما سيهرب إلى القوقاز أو سيبيريا, كانوا يتخيلون أن موسكو ستكون في قبضة (فاغنر).. وأن وزير الدفاع وقائد الجيش سيمثلون أمام محكمة للشعب وسيتم إعدامهم.. وبعد ذلك ستخرج دولة من أوروبا هامشية –بالضرورة- وستعلن عن قلقها من المشهد في موسكو.
تعجبني الدول التي تعلن عن قلقها, لو قدر لي أن أكون ناصحا لهذه الدول في القضايا الشائكة والكبيرة, لنصحتها ب (الليكستونيل) فهو مهدئ ممتاز للأعصاب..
والله لولا المؤامرة لما سقطت بغداد، ولولا اختراق الصفوف لما حدث كل ما حدث في دمشق.. ولما دمرت سوريا, ودمرت كل البنى التحتية, وهجرت العقول.. لولا المؤامرة لما صارت ليبيا بهذا الشكل, ولما صار العالم العربي.. قصة العالم... لماذا يسهل عليهم تمرير المؤامرة بين صفوفنا, بالمقابل تحطم موسكو كل مؤامراتهم؟.
ماذا سيحدث يا ترى مع (بروغوجين)؟... ربما الآن يبحث عن مهرب في بلاروسيا, ربما يحاول الإتصال بسفارة غربية, ربما يحاول الهروب برا نحو مولدافيا... يذكرني (بروغوجين) في بدر شاكر السياب حين قال: (أيخون إنسان بلاده, إن خان معنى أن يكون, فكيف يمكن أن يكون, الشمس في بلادي أجمل من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل).. في النهاية مصير كل خائن هو المزبلة.
ما يؤلمني في المشهد، هو الإعلام العربي.. وبعض المحللين الإستراتيجين, الذين ظنوا لوهلة أن روسيا سقطت, هل يتقاضى هؤلاء يا ترى أجورا على تضليل الشعوب؟.. هل يتقاضون شيكات بالدولار, ثمن تحليلهم... احدهم قال في معرض التبشير بسقوط النظام في موسكو: (قوات فاغنر الان على بعد 200 كيلو من موسكو, هذا يؤكد أن هنالك تعاونا بينها وبين الجيش الروسي).. أشعرني بأنه يجلس في غرفة العمليات أو في الكرملين.. والمشكلة أن محطات مرموقة, تفتح لهم منابرها.. ومذيعة فاتنة تسمع بخشوع وتبدي إعجابها... وفي نهاية المقابلة, سيصرف له شيك بقيم? (250) دولارا عن كل لقاء.
سؤالي المقلق هو: لماذا من السهل أن تمرر المؤامرات علينا, بالمقابل تتحطم المؤامرات كلها في موسكو.. وكل هذا التضليل ثمنه لا يتعدى (250) دولارا وهو ثمن حديث المحلل الاستراتيجي.