نفط الأردن هو ثروته البشرية، مثل هذا الكلام لم يكن كافيا لاقناع كثير من الأصوات المتحفزة بأن الأردن بلد محدود الثروات بمقياس النفط والغاز.
مثل هذا الكلام الذي صرح به رئيس الوزراء أمام طلبة الجامعات تحول إلى منصة للهجوم بينما كان الرئيس يريد أن يرفع همم الشباب ومعنوياتهم كبناة المستقبل.
مثل هذا الكلام يعود بنا في كل مرة لطرح ذات السؤال القديم، اين نفط الاردن، وهل هو موجود وهل هناك قرار سياسي لعدم استخراجه.
مثل هذا الهذيان لا يستوى في ظل ضائقة اقتصادية ومديونية ثقيلة هي كفيلة بالبحث عن مصادر للثروة، اي حكومة هذه التي لا تريد لشعبها ان يتنعم ولا تريد ان تريح اكتافها من عبء الاستدانة وتوسل المساعدات والمنح؟.
لا شك أن ارتفاع أسعار المحروقات والضائقة الاقتصادية كانا دائما المحرك الرئيس للسؤال القديم.. أين نفط الأردن؟.
كلما ارتفعت أسعار النفط اندفعت أصوات تدعم هذا الاعتقاد، ويدفع ضيق الحال كثير من الناس إلى تصديقها وترديدها.
هناك من لديه قناعة وايمان بأن الأردن يعوم على بحر من النفط وانه ممنوع من استخراجه!.
لذا فهم دوما يطرحون عبر منابر الاثارة السؤال الذي يثير زوبعة، هل من المعقول أن يكون هذا البلد جزيرة جدباء في وسط محيط خصب بالنفط؟.
وهناك من يبالغ في الطرح اكثر عن بترول الأردن المخبأ، فيقال إن عدم استخراج النفط وهو بكميات ضخمة ليس سوى مؤامرة، وأن البترول موجود، ولكن هناك قرارا سياسيا لإخفائه وإبقاء الأردن ضعيفاً ومرتهناً.
اذا كان النفط موجودا بأدلة يبرزها هؤلاء بين فترة واخرى فلماذا لا يريد الأردن أن يسعد شعبه ويخرج النفط المخبأ؟ ولماذا يصبر على ضائقة اقتصادية ومديونية، وفقر وبطالة ويعيش على حاصلات الضرائب والمساعدات ولديه هذا المخزون من البترول؟ وهل الدول المانحة وعلى راسها الخليج تقبل بان تواصل دعم هذا البلد الثري بالنفط؟.
أن نقول إن الأردن منطقة غير مكتشفة ففي ذلك بعض الصواب، وأن نقول إنه تم اكتشاف نفط والتكتم عليه فهذا ليس صوابا على الإطلاق.
على فرض أن النفط موجود وأن الحكومات الأردنية متآمرة فهل الشركات العالمية التي غامرت بخسائر كبيرة كذلك!.
وهل بقيت إداراتها محتفظة بالأسرار كل هذا الوقت حتى لو أنها حصلت على تعويضات مقابل سكوتها؟
ما يثير الدهشة فعلا ان هناك من يقول بان الحكومة تعوض الشركات خسائرها مقابل السكوت عن الاكتشافات الهائلة للنفط !.
عشرات الشركات الاردنية والدولية نقبت عن النفط ولا تزال في مناطق مختلفة في الاردن لم تظفر بانتاج واحد على المستوى التجاري ولم تحصل على دولار واحد كتعويض.
على فرض أن هناك قوى لا تريد للأردن أن يستخرج النفط، وأن الأردن بلد نفطي بامتياز مع وقف التنفيذ لأسباب سياسية أو اقتصادية وأن النفط اكتشاف مؤجل إلى ما بعد نضوبه في المنطقة، فبماذا يفسر السماح له بإنشاء مفاعل نووي أو باستخراج البترول من الصخر الزيتي؟.
من واجب الحكومة أن تبقي على الباب مفتوحاً في هذا المجال، وأن لا تقطع الأمل لكن دون إفراط في التفاؤل، لكن عليها أن تقول: ان لا نفط في الأردن حتى تاريخه طالما لم تدعم نتائج الاستكشافات ما هو خلاف ذلك.