ما يميز بيانات الثقة الحكومية أكثر هو كونها فضفاضة، وتحتوي على التعهدات والالتزامات التي تبدو كجبل يصعب حمله. لذلك، دائما ما تأتي نتائج الاستطلاعات وغيرها مخيبة للأمل بالنسبة للحكومات والشارع في تحقيق تلك النتائج؛ فهي كثيرة لدرجة يصعب تحقيقها.
حتى المراقبون، لا يستطيع أي منهم إعطاء هوية واضحة لأي حكومة، فالبيانات الشاملة لها وتعهداتها التي لا تحصى تجعل من الصعوبة بمكان وصف أو حتى تحديد إنجاز واضح لأي من هذه الحكومات، رغم وضوح التحديات والمشاكل بوضوح الشمس. فبدلا من أن تركز على مشكلة محددة، تلجأ إلى مواجهة جميع المشاكل معا، وفي النهاية تخرج خاوية اليدين، لتنقل هذه المشاكل إلى الحكومة التي تليها وهكذا يستمر العلاج، ولكن هذا العلاج مجرد وقف لأسلوب التخدير ولا شيء أكثر.
الأردن بحاجة اليوم لحكومة تتميز بهوية عمل واضحة، وبمعنى أنه عندما تترك الحكومة مكانها، يتذكر الجميع لها إنجازا محددا مهما كان، وهو أمر مفقود، للأسف، لدى غالبية الحكومات.
اليوم، يعاني الشارع الأردني من حالة استياء؛ بسبب تراجع مستوى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والنقل، وهو أمر واضح للجميع. هذه الخدمات تشكل الصورة الأساسية لانطباعات المجتمع عن حكومته، سواء كانت سلبية أو إيجابية.
من الصحيح أن تطوير النقل والصحة والتعليم من القضايا المهمة في الأردن، وتحتاج إلى اهتمام خاص من قبل الحكومة والمجتمع المحلي. التركيز على هذه القضايا سيقود إلى تحسين جودة حياة المواطنين في الأردن، وسيساهم بالفعل في تعزيز الثقة بالحكومة وخطابها الإعلامي وإجراءاتها المختلفة.
تطوير النقل يعد من الحاجات الأساسية في الأردن حاليا، ومن المهم تحسين البنية التحتية للنقل العام وتحديثها، وتعزيز الحلول الإبداعية مثل النقل الذكي وخدمات النقل العام على المستوى الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تسعى الحكومة لتحسين الطرق وإدارة حركة المرور لتقليل الازدحام على الطرق وتحسين سلامة الطرق.
أما بالنسبة للصحة، فمن الضروري تطوير البنية التحتية الصحية، وتحسين خدمات الرعاية الصحية الأساسية والمتخصصة، وضمان توفر الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، بالإضافة إلى تحديث التكنولوجيا الطبية وتقديم المزيد من الدورات التدريبية والتأهيل للكادر الطبي المتواجد.
بالنسبة للتعليم، يتطلب الأمر تركيزا على تحسين جودة التعليم وتحديث المناهج الدراسية وأساليب التدريس، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية للمدارس وتقديم المزيد من الدعم للطلاب. كما يجب تشجيع الابتكار والريادة في المجال الأكاديمي.
يجب تحديد الأولويات بدقة في تنفيذ هذه الإصلاحات، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذها بنجاح. بذلك، سيتذكر الجميع حكومة كان هدفها تحسين الخدمات الأساسية، بعيدا عن الشعارات العامة والخطابات الصاخبة.