مدار الساعة - بشرى نيروخ - ينهمك أطفال في صنع كعك العيد، بطرق إبداعية في أجواء تسودها البهجة بقدوم عيد الأضحى المبارك، ضمن أنشطة تسعى بعض المراكز لإحيائها، لتضفي طابعا احتفاليا يتنافس فيه الأطفال لإبراز أجمل ما لديهم من أفكار تعبر عن الفرح بالعيد.
ولأن ديننا الحنيف أولى الطفولة اهتماما استثنائيا، كما يؤكد مختصون في أحاديث لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، بصفتها الناقل لتعاليمه إلى مختلف العصور، فقد استقر في روع كثيرين أن الكعك والحلوى ضربا من ضروب المباهج التي تليق بالعيد، حيث أنه يوسع مساحة فرح الأطفال وحبورهم، ويسهم إسهاما مباشرا في بناء شخصيتهم والتعبير عن ذاتهم.
وأشاروا أن مشاركة الأطفال في صنع الحلوى مع رفاقهم، من أبرز المقومات التربوية والاجتماعية والاستكشافية لمحيط عالمه، فهي تساعد على إنماء مخيلته وتعزز من تركيزه وانتباهه، ويتخلص بها من التوتر والطاقة الزائدة، وتعزز من نموه الجسدي والحركي والحسي والفكري، وتنمي لديه القدرة على التذكر وتعمل على تقوية الملاحظة.
وعبر أطفال عن سعادتهم وامتنانهم لمثل هذه الدورات والنشاطات، الذين ما لبثوا أن استفادوا منها، إلا وهرعوا إلى بيوتهم ليطبقوها بكميات أكبر ليوزعوها على أقاربهم وأحبائهم، متباهين بها، تعلو أنفسهم الثقة والاعتزاز، بقدرتهم على صنع حلويات العيد بطرق إبداعية وذات جمالية.
إيمان الشيخ حسن، والدة لأربعة أطفال، تحرص على إشراكهم في أنشطة وفعاليات تنمي مهاراتهم وإبداعاتهم، وتعزز مشاعر الفرح في المناسبات المختلفة، بالمشاركة مع أقرانهم، والتفاعل معهم، بما ينمي قيمهم الإيجابية، ويعزز الجانب الاجتماعي والمعرفي والوجداني، باستثمار أوقات فراغهم، ليبقى لهم بصمتهم المميزة في هذا المجتمع الكبير.
وترى لينا السالم أنه من الأهمية بمكان، إعداد الطفل وتأهيله في كل مرحلة من مراحل حياته، وإشراكه في مراكز متخصصة، تعمل على تنمية شخصيته، وتزيد من معرفته بمجتمعه ودينه، من خلال دورات تسعى لإدخال البهجة في نفسه منخرطا مع رفاقه في صنع مخبوزات وحلويات تضفي مشاعر الفرح والسرور لديهم بمناسبة العيد.
الشيف إسراء برجاوي، صاحبة مشروع مطبخ النكهات، تقول:" أحب في كل عام أن أعد احتفالية في العيد، فأي نشاط يتم إشراك الطفل فيه، فسوف يبث مشاعر الفرح والسرور في قلبه".
وأضافت: في هذه السنة اخترت أن أعلم الطفل كيفية تحضير "الكيك"، لكن بشكل جديد ومبتكر، وصنع "بسكويت" و"كوكيز" و"كب كيك" و"الدونت" على شكل خاروف العيد.
وأشارت إلى أن الإضافات كانت مستوحاة من شكل الخاروف، فتمت تغطية الحلوى بكريمة بيضاء، و"المارشميلو" لإعطاء شكل الصوف، فضلا عن وضع عجينة السكر، لتضفي جمالية على كل قطعة حلوى، إذ يسعى الطفل من خلالها لوضع لمساته الإبداعية والفنية، مبينة أن ذلك يجري تحضيره بشكل خاص، تزامنا مع مناسبة عيد الأضحى المبارك، ليستمتع الطفل بأوقاته مع ترديد تكبيرات وأناشيد العيد.
أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد الدقس، قال تنتشر في هذه الأيام مراكز عديدة لتعليم الأطفال نشاطات وصناعات حرفية خاصة صناعة الحلوى والبسكوت بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ولا شك أن للعيد فرحته لدى الجميع، خاصة لدى الأطفال الذين ينتظرونه بفارغ الصبر من أجل تلقي الهدايا من أقاربهم وأكل الحلويات وغير ذلك.
ولفت إلى أن بعض المراكز تحرص على تعليم الأطفال صناعة الحلويات خاصة في مناسبات الأعياد، منها عيد الأضحى المبارك، حيث يقوم الأطفال بصناعة الحلويات وهم في غاية السرور والبهجة متعاونين مع بعضهم،
وبين أن هذه الصناعة تنمي لديهم المعرفة المتخصصة، فيصبحون متقنين لها من خلال استمرارهم في العمل، وفي هذا يقول ابن خلدون: "إن تكرار العمل يؤدي إلى إتقانه وإلى حب هذا العمل في نهاية الأمر".
إن طبيعة العمل في هذه الصناعات تولد لدى الأطفال جوانب إيجابية في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، ويبدو تأثير ذلك من ناحيتين: الأولى لدى الطفل، والثانية لدى المجتمع نفسه، بحسب الدقس.
وبين أنه تتولد لدى الطفل التشاركية في العمل مع الآخرين وحب لإتقان العمل لديه، كما يعود بالفائدة على الأطفال والمجتمع حين تكون هذه الصناعات قابلة للتسويق، وفي هذا يقول آدم سميث عالم الاقتصاد: "إن الفرد وهو يسعى إلى تحقيق منفعة خاصة به، يحقق منفعة للآخرين"، بمعنى أن الطفل يستفيد وكذلك المجتمع.
وأكد إن انشغال الأطفال في هذه النشاطات يشغل وقتهم، ويبعدهم عن الألعاب الإلكترونية التي قد تؤدي بهم إلى الإدمان ويمكن أن تلهيهم عن دروسهم في المدرسة، مؤكدا أن تعلم الأطفال حرفا فيها فوائد كبرى تعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع، وفقا للدقس.
بدوره أشار عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة اليرموك الدكتور محمد طلافحة، إلى أن الطفولة من أهم المراحل العمرية للإنسان؛ لأننا إذا وفقنا في تربية الطفل ورعايته نكون قد وفقنا في إعداد إنسان المستقبل.
وبين أن الطفل يتأثر بمجتمعه وأسرته، فاجتماع الأسرة على قراءة القرآن الكريم، وصلاة الفريضة، وصلاة النافلة كصلاة العيد، وتطبيق سنة الأضحية، وفريضة صلة الرحم، وإكرام الأطفال (بالعيديات) تعزز الشعور الديني لديهم، ولها الأثر الكبير في حب يوم العيد، وتعليمهم أهمية إظهار الامتنان والتقدير لأحبائهم.