الخلل في سوق العمل الأردني هو أن عدد الداخلين إليه يشكل أكثر من ٣ أضعاف الفرص التي يولدها الاقتصاد بشقيه العام والخاص.
معنى ما سبق أن خزان البطالة يزداد سنة بعد اخرى بالفرق بين عدد الداخلين إلى السوق وعدد فرص العمل التي تتوفر.
هذا عبء ثقيل على الاقتصاد ويحتاج لأن تنشغل به الدولة بكل قطاعاتها.
يقول مسح عمالي أن نحو ١٢٠ الف باحث عن العمل يدخل سنويا الى السوق، في حين يولّد الاقتصاد الأردني بقطاعيه العام والخاص ما لا يزيد عن 40 ألف وظيفة جديدة سنويا فقط.
معدل البطالة في المملكة هو حول ٢٣٪، في حين يبلغ بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة ومن غير الجالسين على مقاعد الدراسة (47.7)٪ (44.2 بالمئة للذكور مقابل 63.9٪ للإناث).
الواضح أن معدل البطالة أخذ اتجاهاً صعودياً، مع بداية وباء كورونا ولم يتوقف ليس فقط لان عدد الفرص التي يخلقها الاقتصاد الأردني لا تكفي لتلبية طلبات الباحثين الجدد عن عمل بل ايضا لان نمط الوظائف قد تغير ولم تعد كثير من الادوات ملائمة كما ان كثير من الشركات اكتشفت انها تستطيع ان ذات النشاط الذي تقوم به يمكنها القيام به بنصف العدد السابق.
يذكر أن سنة كورونا وما بعدها ليست نموذجية، ذلك أن صافي فرص العمل التي كان يتم توليدها سنوياً تتراوح حول 60 ألفاً، مما يفسر ان الاقتصاد لم يعد بذات الكفاءة قبل ذلك.
في سنة كورونا وما بعدها فقد كثير من العمالة الوافدة في الخارج وخاصة في دول الخليج العربي وظائفها وهو ما يفسر أيضا القفزة الكبيرة في احصاءات البطالة.
القطاع العام ما زال محركاً رئيسياً في مجال خلق الوظائف بصرف النظر عن إنتاجيتها، حيث أن حصة القطاع العام تصل إلى 44% في حين لا يولد القطاع الخاص سوى 56% خاصة وأن القطاع الخاص هو الذي يستوعب كل العمالة الوافدة.
المفروض أن القطاع العام متضخم أصلاً ويشكو من الترهل ولا يلزمه المزيد مـن الموظفين، وانه توقف عن توليد فرص عمل كما في السابق وأن القطاع الخاص صاعد، ويلعب دوراً متزايداً، وبالتالي يولد فرص عمل أكبر لكن هذا لم يحدث بما يكفي.
لم يعد الفوز بفرصة عمل هو الهم الذي يثقل كاهل الشباب بل معدل الاجور التي توفرها الوظيفة.
هناك قطاع لا يدخل في الاحصاءات وهو السوق الموازية أو السوداء أو غير الرسمية، ويقدّر البعض أن هذا القطاع غير المنظور يستوعب اكثر من ربع القوى العاملة.
ما زال تحديد أرقام دقيقة ومحددة للبطالة ولاعداد العمالة الوافدة عملية صعبة وكل ما ينتج من احصاءات هي تقديرات قد تصح أو لا تصح، وإلى أن تكتمل لدينا قاعدة بيانات توضح اسم وجنسية ومكان عمل كل وافد وعنوانه ستبقى تقديرات العمالة الوافدة غير دقيقة.
هناك من يطالب بأردنة الوظائف وهو يقصد القطاع الخاص لان القطاع العام مغلق أصلا، لا يتنبه هؤلاء الى أن السواد الاعظم من المهن باتت مغلقة للأردنيين، باستثناء بعض المهن المعروفة.
هل تستطيع أردنة الوظائف ملء الفراغ؟
شخصيا لا أعتقد أن ذلك ممكنا في المدى المنظور!.