أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

تقليص العطلة الصيفية


د. عبدالكريم محمد شطناوي

تقليص العطلة الصيفية

مدار الساعة ـ
قامت وزارة التربية والتعليم بقرار متأخر بتقليص العطلة الصيفية بحجة تعويض الفاقد التعليمي الذي افتقده الطلبة خلال العام الدراسي.
وقد طرح فريق (ملتقى النخبة elite) هذا الإجراء كموضوع للنقاش وأثار تساؤلات حوله منها:
هل من الممكن اعتماد برامج وطنية لاستغلال الإمكانيات المتاحة في الوطن وتوظيفها في خدمة هذا الجيل؟
إن طرح مثل هذا التساؤل يحمل دلالة ذات أهمية كبرى، وخاصة أنه يشمل قطاعا هاما من لحمة نسيج مجتمعنا،يشكل نسبة عالية من نسيجنا الوطني.
إن مثل هذه البرامج إن أعدت بصورة جيدة فإنها تساهم في تكوين شخصية متوازنة للطالب عقليا،بدنيا وانفعاليا واجتماعيا وصار لبنة نافعة لمجتمعه ووطنه.
وإن ما قامت به وزارة التربية والتعليم من إجراء في تقليص العطلة الصيفية بحجة معالجة المفقودمن عمليةالتعلم والتعليم فإن هذه الخطوةجاءت متأخرة ينقصها التخطيط ويغلب عليها صفة الإرتجال (عاقب الرعيان سارح) دون الإشارة إلى إعداد خطط وبرامج لاستغلال هذه العطلةبما تعود به من نفع على الطلبة.
وهذا ليس غريبا على الحكومة عامة والوزارة خاصة في العقود الأخيرة التي غزتنا بها العولمة ودخلنا عالم الحوسبة دون أن نعد أنفسنا لاستقبالها وتقبلها مما أدخلنا في نفق دوامة الإرتجال باتخاذ قرارات هامة في تقرير مصير وطن وأجيال واعدة بدون تخطيط ودراسة.
لقد تعودنا على الأمور التي عملت على فقدان الثقة مابين المسؤول والمواطن نتيجة لهذه الخطوات المرتجلةبدون دراسة.
كما أن الوزير في سياق كلامه قال بأن المفقود بحاجةإلى عشر سنوات لتعويضه؟؟
ويبقى السؤال هل توجد دراسة حول ذلك؟هل يوجد في الوزارة خطط خمسية وعشرية؟
ونحن نعرف أن عمر الوزير في عمله لا يتعدى بضعة أشهر،وإن كانت هناك خطط فإنها تبقى مرهونة بالوزير فبمجرد مغادرة موقعه طويت خطته،وبقيت في طي النسيان،وهذا الأمر عَزَّزَ فقدان الثقةمابين المواطن ومؤسسات الدولة.
كما أننا لم ننس بعدُ طريقة تعامل الوزارة مع الكورونا وما كانت تخرج به علينا بأن لديها خططا بديلة وربنا أعلم إن كانت موجودة أم لا !!!.
ولا ننسى أيضا ماأدت إليه من إلحاق الأذى بالتعلم والتعليم و بمؤسسات التعليم الرسمية والخاصة.
وهذه الحالات وما يسودها من التخبط في اتخاذ قرارات غير مدروسة تذكرنا بالسنين الخوالي التي كانت تعد فيها الوزارة برامج تدريبية خاصة للمعلمين في العطلة الصيفية لتزودهم بكل جديد استجدفي العملية التربوية عامة وفي التعلم والتعليم خاصة،فقد كانت كليات المجتمع كخلايا النحل تعج بما فيها من معلمين مشغولين بدورات في التربية والتعليم.
وكانت الوزارة تقوم بالتنسيق مع مؤسسات أخرى بإعداد برامج خاصة للطلبة من أجل استغلال العطلة بما يعود عليهم بالنفع وصقل شخصياتهم وإعدادهم للحياة كي يتمكنوا بالتكيف معها،وما زلنا نذكر معسكرات الحسين للشباب ومشاريع غرس الأرض وزراعتها لتحقيق (أردن أخضر) بالإضافة إلى مشاركتهم للأهل في جني المحاصيل الزراعية وممارسة الحرف المهنية واليدوية،وأعمال الأهل الأخرى التى يشتغلون بها. لكن ياااا.... خسارة! ويا حسرة! يا ندامة!!!
على أظيك الأيام،فقد كتبت مرارا أؤكد فيهاعلى أن سياسات الحكومات المتعاقبة منذ عقود طويلة،(قشَّطتنا) من مقومات الإقتصاد،فلم يعد لدينا زراعة ولا ثروة حيوانية ولا حرفة وأصبحنا نستوردها وصار حالنا (الخبزُ مخبوزً والمَيُّ بالكوزِ،و الرزق على الله)،واتبعنا سياسة التواكل وليس التوكل.
وصار جلُّ اهتمام الحكومات منصبا على التعليم والاستثمار به كمًا لا نوعًا،فكان يغلب عليه الطابع النظري في معظمه،فتكد ست تخصصات لا تجد لها سوق عمل وطال أيضا التخصصات العلمية،وتدنى مستوى التعليم بصورة ملحوظةولا تخفى على عين احد قريب أو بعيد.
وفي الوقت الذي اهملنا به مقومات الإقتصاد تحول الكل إلى السعي وراء الوظيفة حتى صارت لدينا تامة طلبات في ديوان الخدمة المدنية ولا تجد فرصا لذلك،وبذلك تحول الناس من دور المنتج إلى دور الباحث عن وظيفة.
ويمكن استغلال العطلة في إعداد برامج ترفيهية وتعليمية ومعالجة صعوبات التعلم،برامج حاسوبية،حصص تقويةوغيرها مما يعود بالنفع عليهم بدلا من تركهم في فراع قاتل مميت.
وإنني ما زلت أذكر دروس الزراعة التي درسناها في مرحلة الإبتدائية والثانوية المتوسطة وقطع الأرض التي كنا نزرعها ونتعهدها تحت إشراف معلم الزراعة،في حديقة المدرسة وكانت تطبيقا عمليا لما نتعلمه نظريا.
وما علينا إلا أن نترحم على ايام وصفي التل ومعسكرات الحسين للشباب وما إلى ذلك.
مدار الساعة ـ