أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

رسالة من الشهيد 'الحراسيس' للأردنيين


حسين الرواشدة

رسالة من الشهيد 'الحراسيس' للأردنيين

مدار الساعة ـ
في دقيقة، أو ربما أقل ،وما أصعبها، كان على الشهيد الطيار ،علي الحراسيس، أن يختار : إما أن ينجو بنفسه، وإما أن يتمسك بمقود طائرته لتسقط في العراء، بعيدا عن البيوت الآهلة بالسكان ، بمجرد أن خطف نظرة سريعة ، اختار الثانية . الموت بالنيابة عن مئات الأردنيين وفداء لهم ، أقرب طريق إلى الله ، و إلى الوطن أيضا .
هكذا يفعل الأردنيون النشامى ، فالبطولة ليست مجرد كلام عابر في الندوات والمجالس ، ومنصات التواصل ، وإنما افعال وتضحيات ، سيظل التراب الأردني شاهدا عليها ، وعلى دماء الشهداء ، إذ تؤذّن فينا ، حيّ على العزة والكرامة.
‏هذا الدرس ،لا يفهمه الا الأردنيون الطيبون ، وهو وحده من يجيب على الأسئلة التي ترددت في بلادنا منذ سنوات ، وما تزال مُعلقة بلا إجابات : لماذا صمدنا و تحملنا وصبرنا ؟ ولماذا توحدنا بوجه الأزمات والعاديات ؟ صحيح ، لدي الأردنيين عتب ، وربما غضب ومرارة ، على إدارات الدولة ونخبها، لكن لديهم ، مثله واكثر ، انتماء وعشق للوطن .
ما فعله البطل الشهيد الحراسيس ، وقبله شهداء القلعة والسلط والبقعة و اربد والركبان ، وقبلهم شهداؤنا في فلسطين والقدس ، هو وحده من يجيب على مثل هذه الأسئلة ، الأردني بطبعه وطني بإمتياز ، لا يقبل لوطنه أن يهون او يُهان ، وحين تدق ساعة الخطر ، يطرد من صدره العتب والغضب على كل شيء ، ويلبي نداء الواجب ، ثم ينهض للتضحيه من أجل الأردن العزيز ، بكل غال لديه ونفيس.
‏رسالة البطولة والإيثار ، المجبولة بالشهادة التي سجلها الشهيد الحراسيس ، يجب أن تفتح عيوننا وقلوبنا على عنوان واحد ، وهو "الأردن " الذي ليس لنا غيره ، الشهداء لا ينتظرون منا ،فقط، مزيدا من الحزن والإحساس بالفقد ، كما أنه اهلهم ومحبيهم لا يريدون أن نتقاسم معهم الوجع ، هذا اقل الواجب ، الرد على رسالة البطولة والشهادة ،و تعزية أكباد الأمهات والآباء والأبناء المجروحة، أن نفعل كل ما بوسعنا ليبقي الأردن واحدا موحدا صامدا ، وتبقى الكرامة : كرامة الوطن وكرامة الأردنيين محفوظة ، وهاماتهم مرفوعة، ثم إنك نطرد اليأس والشك ، ونخرج من دوائر السواد العام ، لنباشر البناء ، ونضع الحجر الوطني في مكانه الصحيح ، و نحمي بلدنا من كل سوء .
‏الرسالة ،ذاتها، يجب أن تصل لإدارات الدولة ، ومعها نخب المجتمع، من أجل أن تصحو الضمائر ، وترد بوضوح على تحية الأردنيين بمثلها ، أو باحسن منها، فنحن -أقصد الأردنيين - ننتظر اللحظة التي يتعلم فيها المسؤولون من الشهيد الحراسيس ورفاقه ، كيف يطردون أنانية التمسك بالنجاة والخلاص الفردي، كيف يخدمون بلدهم لا الكراسي التي يجلسون عليها ، كيف يغادرون منصات تصفية الحسابات ، والرعب عند اتخاذ القرارات ، والبحث عن مزيد من الامتيازات، إلى حيث التوافق الوطني والصالح العام ، و الاستثمار بالخلق الأردني "الوعر " ، فلا استهانة ، ولا معاندة، ولا فرض للوصايات، ولا إنتظار المزيد من الوقت لاختبار صبر الاردنيين .
هذه أفضل وصفة لاستعادة الثقة والعافية ، وتعزيز الوئام الوطني، و جبر الخواطر المكسورة ، كما أنه اقل الواجب لتقديم العزاء بأرواح الشهداء، لآبائهم وأمهاتهم ، ترى : هل وصلت رسالة الشهيد الحراسيس ورفاقه رحمهم الله؟ارجوذلك.
مدار الساعة ـ