أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

وهم 'اقتصاديات الكازينو'


سلامة الدرعاوي

وهم 'اقتصاديات الكازينو'

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
يتحدث بعض من النواب والمسؤولين الحكوميين والإعلاميين ورجال الأعمال بشدة عن الحاجة الماسة لوجود الكازينو في الاقتصاد الأردني، ويصفون الحاجة بأنها ملحة وضرورية لإنقاذ الاقتصاد من كافة مشاكله المالية، لأنه سيوفر دخلا غير مسبوق للخزينة يمكنها من تغطية كافة احتياجاتها بل وسيفيض.
لا أعلم من زرع فكرة اقتصاد الكازينو في أذهان من يطالبون بترخيصه، ويتحدثون بأريحية عنه باعتباره منقذا للاقتصاد، لا بل وصل فيهم الوصف كأنه نظرية اقتصادية بحد ذاتها، وضرورية عملية وواقعية لا يمكن لاقتصاد ان يقوم أو ان ينمو دونه.
في الحقيقة، وبعيدا عن الأسباب الدينية، لا يوجد أساس لما يسمى بـ"اقتصاد الكازينو"، وليس صحيحا ما يتم الترويج له بأنه ضرورة ملحة للاقتصاد، بل قد يكون حاجة ضرورية وملحة للمدمنين على لعب القمار لا أكثر، أما الاقتصاد، فهو بغنى عنه لأسباب اقتصادية بحتة.
لو كان صحيحا ما يقولونه من أن الكازينو رافد قوي واستراتيجي للاقتصاد، فلماذا لم تستفد من وجوده العديد من الدول التي تعاني اليوم اقتصاديا، وبعضها في حالة إفلاس رسمي، أي انهيار اقتصادي رغم وجود عشرات الكازينوهات فيها. فها هما لبنان ومصر وغيرهما من الدول التي تتواجد فيها الكازينوهات ومع ذلك لم تتمكنا من توفير الدولارات للأنشطة الاقتصادية، لا بل، لم تعد بعض الدول قادرة حتى على سداد التزاماتها.
بعض الدول مثل تركيا اتخذت قرارا بإغلاق الكازينوهات قبل حوالي 15 عاما، لأسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية بحتة، ليس لها علاقة بالدين كما يتصور البعض.
وجود الكازينو يعني وجود ارتباط وثيق بانتشار بعض أشكال الجريمة والدعارة والمخدرات وغسيل الأموال. وهذا يرجع إلى عدة عوامل منها.
- جذب شريحة متنوعة من المجتمع: يتراوح زوار الكازينو بين المواطنين المحليين العاديين والأغنياء والمشاهير، وقد يتسبب هذا في جذب بعض المجرمين أيضا.
- عدم قدرة الكازينو على تحديد الهوية ومصادر الأموال: يمكن لبعض المجرمين استخدام الكازينو لغسيل أموالهم أو تبييض أموالهم المكتسبة بطرق غير شرعية، وذلك بفتح حسابات مصرفية وإيداع أموالهم فيها.
- تعزيز ظاهرة الإدمان: يمكن أن تؤدي ألعاب القمار إلى الإدمان، وبالتالي قد يصبح بعض الأشخاص مهتمين بتوليد دخل من مصادر غير قانونية.
- الأنشطة الجرمية الأخرى: يمكن أن يشجع الكازينو على بعض الأنشطة الجرمية الأخرى مثل الدعارة والمخدرات. لو كان وجود الكازينو ضرورة اقتصادية، لتسابقت الدول في العالم لترخيصه وإنشائه في كل مكان وكل شارع، مع العلم أنه لا يوفر عائدات مالية كبيرة وغير مسبوقة كما يروج البعض، لكن ما يحدث هو العكس تماما، فغالبية الدول ترخص الكازينوهات بشكل محدود جدا، وفي أماكن بعيدة ومحددة وضمن إطار ضيق.
للعلم، نمو الدخل السياحي بأكثر من 68 %، وأعداد السائحين بنسبة 69 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام دليل واضح على أن الاقتصاد والقطاع ينمو في حالة توفير خطة عمل وتجهيز بنية تحتية تلبي أذواق السائحين، وفريق إداري يتابع كيفية جذب السائحين إلى المملكة واستغلال أمثل لمرافق الدولة وأماكنها السياحية المختلفة.
فالأمر ليس مرتبطا بوجود كازينو، فغالبية السائحين وخاصة الأجانب يأتون للسياحة العلاجية، وليس للعب القمار، فهو موجود في بلادهم، وليسوا بحاجة للقدوم إلى الأردن، أما من يعشق لعب القمار والتردد على الكازينوهات، ووصل إلى حالة الإدمان، فليس عليه سوى أن يتحمل على نفسه، ويذهب إلى أي دولة في الجوار، ويلعب كما شاء، ويريحنا من أفكاره الاقتصادية الخلاقة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تخدم غير أهوائه الشخصية فقط.
أخيرا، إذا كان الموضوع يتعلق بالعوائد المالية الكبيرة التي يوفرها الكازينو، فإن شركة دخان واحدة في الأردن تورد للخزينة سنويا أكثر من مليار دولار كضرائب، أي أكثر من جميع الكازينوهات في المنطقة..
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ