مهما حاول الإنسان أن ينأى بنفسه عن السياسة فهو غير قادر أن يكون خارج دائرة التأثر بالواقع السياسي ونتائجه التي تبدأ من صيحته الاولى مُعلَنة انضمامه للبشرية، لتبدأ دورة حياته تتأثر بالسياسة فمع كل بكاء في مهده طالباً قوت حياته تسوقه السياسة إليه كماً ونوعاً أو تحجبه عنه - للهلاك
تكبر دائرة تأثر المرء مع نمائه من نشأته وأنماط تفكيره ومعتقداته لترسم دورة التأثير هويته (من أنا .. من نحن) ومؤدى ذلك إدارة سلوكه بما استقر من فهم لكيفية تفاعله مع الآخر في سلوك ممتد لأغوار ما جُبل عليه تكوينه النفسي والعاطفي من انتماءات وولاءات تحدد طبيعة انحيازه نحو مجتمعه ووطنه والعالم أجمع على اختلاف بيئاتهوهذا التأثير والتأثر القدري على تنوعه أغنى البشرية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، بما أنتجه من فكر يفسر العلاقة ويسيرها من خلال تصورات ورؤىً تشكل فهماً لماهية العلاقة بين الفرد والقوة لتساهم هذه الجهود وليدة تفاعل الآراء والاتجاهات والأفكار "ديالكتيك" لا ينقطع في حالة من تراكم الخبرات الإنسانية بقدر قدرة التفاعل سلباً وايجاباً بما عبر عنه وعيه بفهمه المتاح للمشاركة السياسية التي احتكمت في أدواتها وطرقها وأساليبها لوعي الإنسان ضمن نواميس زمانه التي تتراكم مع كل جيل في مسار وعيه بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية لترسي كل حقبة قيمها وأفكارها ومفاهيمها في تسيير خيارات الأفراد والمجتمع وآلية تسوية صراعه من نشله من الاعتماد على القوة المادية إلى القوى المعنوية وما تتسلح به من شرعية لاستخدام أدوات شرعيتها لحفظ السلم المجتمعي.وأدى التأثير الحتمي لسياسة إلى ارث من التفاعل الإنساني المتراكم وما انبته من معرفة في دورته غير المنقطعة من التطور في تنظيم حياة الإنسان وعلاقته بالسلطة وما عبر عنه من ثمرة هذا التفاعل من أثر وتأثير اشكال وتنوع النظم السياسية واختلاف معايير قياسها وتقييمها واستمرارها وتحلل شرعيتها واستبدالهالم يكن أن يكون لو كان بمقدور الإنسان أن ينأى بنفسه عن السياسة ونتائجها وما يمثله من مادة للقرار السياسي....