في ندوة رابطة الكتاب أمس، حول إبداع الأديبة المؤرخة هند أبو الشعر ، أثارت شؤالًا مهمّا حول تعليم التاريخ قائلة: لماذا يكره طلابنا مادة التاريخ ؟ سرعان ما أجابت؛ نحن نكتب التاريخ لأجدادنا!!! وليس لأبنائنا وأحفادنا!!
لا يخفى على أحدٍ أن لغة الأجداد ليست لغة الأحفاد، وحاجاتهم ليست كذلك أيضًا؛
والأجداد هم من يكتبون تاريخنا! فالمؤرخون في ساحتنا أصغرهم في الثمانين، وهذا يشكل بَوْنًا واسعا في كل شيء قد يقال. فهناك معلمون يراجعون! وهناك" أسطورة" تجريب الكتب؛ لكن برأيي يكتب المؤلفون ١٠٠٪ من الكتاب، ويؤثر المراجعون بالباقي! وأدلتي عديدة، لعل آخرها أن رئيس المجلس الأعلى للمناهج " الجديد" اكتشف تسعة عشر خطأً
أو ملاحظة في كتاب واحد!! طبعًا
هذه الملاحظات ستعدّل لأنها ملاحظات السيد الرئيس!! وأذكر أنني قدمت مئات الملاحظات لم يلتفت إليها أحد؛ لأن المؤلفين مدعومون ممن هو أعلى!! واليد العليا خير من اليد السفلى!!!
قلنا:
١- الكتب الجديدة أظهرت تحسّنًا
في الشكل وفي بعض الأسلوب، لكن ذلك لا يقاس بحجم الأمل المنتظر، ولا بحجم المال "المستهلك ". وليس المستثمر!
يعني تم تأليف الكتب بذاك النهج
الشائع! وما بدّلنا تبديلا!!. وبالمناسبة؛ تمت مراعاة قضايا النوع الاجتماعي في كتب التربية الإسلامية ، مع أن ذلك تم بسبب حرص اليونسيف عبر وزارة التربية!
٢-انتمت كتبنا-العلمية والرياضيات- كالتاريخ بالماضي على حساب المستقبل؛ فالمسائل الرياضية في أغلبها تبدأ بالفعل الماضي: باع، اشترى، شربت،..إلخ. وتطلب من الطلبة حساب كم ربح؟ وكم اشتربت؟
كنا نعطي توجهات الإطار العام:
وجّهوا الطلبة للمستقبل، بمعنى
ضع موازنة لبيتك؟ كم ستكلفك رحلة..؟ كم يكلفك بناء منزل؟ مشروع… إلخ! هذا ما لم يحدث إطلاقًا!
وفي كتب العلوم، اتخذوا التوجه نفسه؛ تحدثوا عن علوم الماضي والحاضر، ولم يوجهوا لعلوم المستقبل!! إنهم الآن يؤلفون الفلسفة وكتب الاجتماعيات واللغة العربية ، نأمل أن لا تكون كتبًا موجهةً للأجداد على رأي هند (أبو الشعر)! مع أني أراها كذلك!!
٢- اتسمت كل كتبنا الجديدة الصادرة وهي: العلوم والرياضيات، والتربية الإسلامية بالنمطية نفسها في عرض الدروس، وبسلسلة خطوات موحدة لجميع الدروس وجميع المواد! علمًا بأن الإطار العام للمناهج، والمنطق التربوي البدائي يقول بتنويع طرق العرض وفق تنوع ميول الطلبة وذكاءاتهم! ولا يجوز فرض خطوات موحدة على جميع المعلمين في "شرح الدروس" وعلى جميع الطلبة في" حفظ الدروس"!! وبحمد الله رجعوا إلى خطوات" هربارت" التي سقطت لأنها تنمّط ما لا يجدر، أو يمكن تنميطه!
٣- نترقب أداء الطلبة في العلوم والرياضيات في الاختبارات المحلية والعالمية؛ لنرى مدى ما أحدثته"تطويراتنا في الكتب على
نسب التفوق والتحصيل! فإذا
لم تحدث فروق فإن ذلك يدلل على ضعف تأثير هذه الكتب أو غيابها التي- رقص لها كثيرون-
كما سنرى ونترقب نتائج الطلبة في التوجيهي ، وما التغيرات التي
أحدثها ذوو الرواتب" الهائلة "
في تحصيل طلابنا!!
قد نتسامح فيما أنجزوه في العلوم والرياضيات، لكن لا يمكن
التسامح فيما لو صدرت كتب اللغة العربية، والفلسفة والتاريخ، والتربية الوطنية لأجدادنا لا لأبنائنا!!
هناك بعض أمل في الرئيس الجديد لمركز المناهج ؛؛ إذا…
لو…
ولكن يبدو ذلك مقيّدًا!
أرجو أن نكون قد عرفنا لماذا ترمى الكتب!!