كلما جلست في المقهى, وعلى حافة الرصيف... تأملت الشارع والسيارات التي تمر.. سيارات فارهة جدا ينطبق عليها المثل العامي الذي يقول: (مصاري عفق), وفيها زوج وزوجة يتعاتبان.. على ماذا لا أعرف؟...
سيارات بها كلاب, مرت البارحة من أمامي سيارة (جي كلاس), اتذكر أني اخر مرة ركبت فيها هذه السيارة كانت في العام (2014) مع صديق لي يعمل نصابا, والذي يركبها كل يوم..
هذه (اودي) موديل 2023, بها شاب وشابة.. الشاب في أول العشرين, ويرتدي سلسلة ذهبية.. ويبدو أنه يمسك بيد الفتاة التي تجلس بجانبه, توقفوا نتيجة الأزمة.. وبدأت الفتاة تفتح صورا من هاتفها, وهو بدأ ينظر للصور ويضحك... هل هم عشاق؟ لا أعرف, ولكن في عمر هذا الشاب كنت قد بدأت العمل في الصحافة, وأرسلنا الزميل جهاد المومني لعمل تحقيق عن (النور)... وحياتهم, ذهبت طبعا بالباص.. وقد وصلت مكانا في أطراف عمان, وكان يرافقني المصور.., أنا تقدمت من خرابيشهم بكل ثقة.. لم أكن أعرف أن رتلا من الكلاب سيهاجمنا, ضاعت الكاميرا يومها...?وأنا رميت (المسجل) والأوراق وهربت, الذي أنقذني من المشهد.. هو طفل من (النور) لا يتعدى عمره السابعة, وقف وصرخ في الكلاب فعادت جميعها.. ثم طردني من المكان, المهم أني نجوت.
وها أنا أشعل سيجارتي مرة أخرى, وأراقب المشهد... سيارة أخرى (لاند كروزر) وسيدة وحيدة شقراء, وترتدي (نظارة) فاخرة, كان بودي لو أقترب وأفتح الباب وأقول لها: خذيني إلى حيثما تريدين... لكنها حزينة على ما يبدو, فقد كانت تدخل (المحارم) من أسفل النظارة وتمسح دمعها, حقيقة لا أعرف هل كانت تمسح الدمع أم الكحل؟..على ما يبدو أنها خرجت من مشاجرة مع زوجها, أو أنها تعرضت لخيانة.. تعاطفت معها على كل حال.
وها أنا أراقب السيارات, والناس التي تعبر.. وأتامل فرحهم, وألتحف حزني... ثم أشعل سيجارتي على عجل, وأقول أن الرضى يبقى مفتاح النجاة في هذا العمر..
كل يوم في الساعة السابعة أجلس في شارع البحتري, ووظيفتي تكمن في مراقبة العشق والفرح... ومحاولة مداواة حزني الذي ضج بي.
ويبقى السؤال يطاردني: من وين؟