يدي مرتجفة، وأنا أعجز عن اتخاذ قرار حلاقة وجهي.. ترى هل أفعلها أم أقم بتأجيل الأمر لغد؟ لا أعرف ولكني يدي ترتجف وأخاف أن أجرح ذقني..
حتى أني حين أحمل فنجان القهوة في يدي, أسكب نصفه على القميص الذي أرتديه لحجم ما ترتجف كفي...
اخر رسالة كتبها ألدو مورو رئيس الوزراء الإيطالي نهاية السبعينات, وهو في الإعتقال وقبل تنفيذ الإعدام به.. من قبل الألوية الحمراء, وحين شعر بأن الكل قد تخلى عنه إلا إيطاليا كتب: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب)... وأرسل الرسالة, بعد ذلك أعدموه, وجاء خليفته (جوليو أندريوتي)... ألدو مورو لم يكن يحفل بالإملاءات الأمريكية, وسار بمشروع التسوية التاريخية.. وأراد إدخال الحزب الشيوعي في الحكومة... كانت إيطاليا لديه هي المرتجى والقرار والمصير, لكن جوليو أندريوتي كانت أمريكا لديه هي الحضن والمرجع والمصير.
وصفي التل حين وقع اخر كتاب في رئاسة الوزراء, وغادر لمصر.. لم تكن يده مرتجفة بل وقعه بثقة تامة, وقال على سلم الطائرة: (ما دام سراجنا فيه زيت خلوه ضاوي)..
وجودي في هذا العالم يعادل قطرة ماء في المحيط الأطلسي من حيث التأثير والحجم, ووجود أمريكا يعادل حجم المحيط بأمواجه وأسماكه وبواخره وبالشواطئ أيضا, لكني لم أرتهن يوما لأمريكا.. وحاربت كل من ارتهن لها, وأدركت أن اليد المرتجفة هي اليد التي حملت مشاريع أمريكا بدءا من مؤسسات المجتمع المدني, مرورا بتغيير المناهج...وقوفا عند الإعلام وتدمير الخصوصيات الوطنية والإعتداء على الهوية، اليد المرتجفة هي اليد التي صنعتها أمريكا وزجتها في عالمنا العربي...هي التي نظرت للعشيرة على أنها الرجعية، هي التي اغتالت أبوية الدولة ومل?ية المؤسسات والقطاع العام، هي التي فرضت (سيداو)...هي التي أقحمت المرأة بتفاصيل غريبة، تشتبك مع القيم والموروث...اليد المرتجفة هي ذاتها اليد التي دمرت العراق وأرهقت سوريا وقسمت العالم العربي، باسم الحرية والديمقراطية...
في الأردن لايوجد يد مرتجفة، ولكن القلوب مرتجفة عند البعض...كل قلب في هذه الدنيا لايوجد فيه شبابيك تطل على الوطن هو قلب خائن، وأنا قلبي منذ الخفقة الأولى وشبابيكه تطل على الكرك....كان الأجدى أن نتحدث عن القلوب المرتجفة التي تطل شبابيكها على أمريكا كان الأصل أن نتحدث عن تلك القلوب، التي أوصدت الشبابيك...وأغلقت الستائر...
على كل حال لنقرأ مقولة الدو مورو: (كل شيء باطل إذا لم يشأ المرء أن يفتح الباب)...
وها أنا أكتب مقالي دون رجفة في اليد، وباب قلبي مفتوح للوطن وحده..فقط للوطن وليس لأمريكا....