أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات وفيات جامعات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

شراري كساب


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

شراري كساب

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
من لايعرف (أبو كساب)...لم يقرأ تفاصيل وتطور الهوية الأردنية، هو الأردني الجسور الغيور البسيط الطيب، الذي تتبادل معه (الوشوشات) في مساءات مأدبا، وتتبادل معه الشكوى..ومن المستحيل أن تغادر هذه المدينة، دون أن يجبرك شراري كساب على العودة إليه.
غادر الحياة بعد أن داهمه المرض، التحف الصبر..وظل يرسل إلينا بتحياته وشوقه، وأحيانا يبادلنا المكالمات...وكان يعرف أن الموت يقترب منه شيئا فشيئا، لكنه لم يخف الموت أبدا... ورحل منتصرا عليه ومنتصرا على الحياة أيضا.
أنا لا أحب ذكر مناصب الفقيد، لأن أهم منصب تقلده شراري كساب هو الحب..لقد كان وزير الحب في مأدبا، وظل على رأس وزارة الطيب والنخوة...يؤسس بين الناس منهج الصفاء، ويلمنا من عمان جميعنا..حتى نذهب لمزرعة في أطراف مأدبا ونتبادل (السواليف) والشكوى والتذمر، ونتبادل السجائر...ونتبادل معه الزهد، وضيق الحال..فقد دخل الوزارة وخرج منها..بذات الوجه وبذات الكف، وبذات الزهد....
افتقد هواتف الليل التي تأتيني من أخي ضيف الله حديثات..والتي يخبرني فيها أن (أبو كساب) يريد الحديث معك، ونخجل منه ونرحل لمأدبا...هناك وعلى ضفة قلب هذا الرجل تنسى غربتك، فضفة قلبه كأنها خلقت من الغيم الأبيض الجميل....أفتقد هواتف (وضاح جميعان) التي تأتيك في اخر الليل أيضا، ويصر على حضورك..بذات الطريقة يهاتفك ويخبرك أن (ابو كساب) يريد الحديث معك...(أبو كساب) لم تكن كنية، بل كانت الشيفرة التي ترسل إليك وتجعلك تغادر عمان متجها صوب مأدبا.
مات وزير الحب مات وزير الهوية...لم يشبع من هضبات مأدبا، ولم يشبع بعد من عيون الناس ولم ينثر كل ما عنده من كرم، لكنه كان صديقي...الذي نثرت في أذنه من الوشوشات الشيء الكثير، كان صديقي الغاضب...والمترفع عن الدنيا وتعبها، أعرف أن الأصدقاء سيفتقدونك..,أنا سأفتقدك، ومأدبا بكل شوارعها ستفتقدك...لكن وزارة الحب التي أسستها ستبقى حية وتعمل على مدار الساعة.
رحمك الله.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ