زمان كانت (وجوه المخدات) واحدة، لا تتغير.. في كل منازلنا, الذي يتغير هو اللون فقط... كان ينقش عليها عبارة, صباح الخير أو تصبح على خير وكان ثمن الوجه الواحد (75) قرشا, على ما أظن أنها كانت تصنع في الصين..
أتذكر أطرافها, كانت تشبه زعانف السمكة, كانت مطرزة أيضا ببعض الخيوط الحمراء والخضراء.. وعملية نزعها من المخدة ثم غسلها ثم إعادتها كانت سهلة جدا, ومن مميزاتها أنها دائما تطلق رائحة (سيرف الجبار).. أصلا في طفولتنا لم يكن هنالك مساحيق مشهورة غير سيرف الجبار الذي كان يصلح لكل شيء بما فيه غسيل السيارات.
حدث انقلاب خطير في المخدات التي تسند رؤوسنا, وفي الوجوه التي تغطيها.. قبل أكثر من (25) عاما, عندما اكتسحت محلات ما يسمى بمستلزمات المنزل الأسواق... صارت الوجوه تصنع في إيطاليا, والمخدات أيضا لها تصنيفات بعضها يحمل صفة (مخدة طبية) وبعضها يحمل صفة (مخدة تجارية).. والأسعار ارتفعت، حتى الأنواع صار بعضها يصنف على أنه إيطالي وبعضه يصنف على أنه أسباني.. والصيني صار للفقراء وحدهم.
كل ليلة حين أنام على مخدتي, اشتم عطرها.. وأحس برأسي يخترق قطنها... كل ليلة حين أنام عليها، يسيل بعض الدمع ويخترق الوجه ويصل حتى القطن.. قطن المخدة شكى من حزني... أنا لايهمني إن غيروا لي وجه المخدة أو غسلوه, لأن وجهي هو الذي تغير.. وجهي هو الذي انتزع.
وجوه الناس صارت مثل وجوه المخدات.. تتغير وتغسل وتبدل, إلا وجهي فقد انتزع مني.