التجارب والمحاولات التي قامت بها دول عديدة من حولنا في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، تؤكد وبشكل قاطع على نجاعة وحصافة الاجراءات التي قام بها «البنك المركزي» بمواجهة التضخم وكبح جماحه من خلال رفع اسعار الفائدة والتي جاءت بأكلها واثمرت استقرارا اقتصاديا نلمسه جميعا وبمختلف الاصعدة، فماذا فعلت بعض من البنوك المركزية الاخرى لتغرق بمستنقع التضخم ؟.
دول عديدة من حولنا وفي العالم تساهلت بالتعامل مع التضخم والسيطرة عليه، فبعضها تأخر برفع اسعار الفائدة لتتدارك بعدها الخطأ فترفع الفائدة غير ان الاوان كان قد فات ، ودول اخرى رفضت رفعها من الاساس وقررت تخفيضها لتضرب بعرض الحائط كافة النظريات الاقتصادية التي تدعو ومن اجل مواجهة ارتفاع الاسعار والسيطرة عليها الى سحب السيولة وتجفيفها من الاسواق معتبرة ان رفع اسعار الفائدة من احد ابرز الحلول التي تساهم بتخفيض معدلات التضخم، وهذا ما سارع اليه «البنك المركزي» لدينا والذي رفع اسعار الفائدة لضمان استقرار معدلات التضخم ومنع رفع الاسعار، وهذا ما تحقق فعلا.
تركيا وعلى سبيل المثال من الدول التي قررت تخفيض اسعار الفائدة لمواجهة موجات التضخم والتي بدأت تغزو العالم جراء الكثير من المتغيرات الجوسياسية، ما تسبب في ارتفاع نسب التضخم لديها الى ما يقارب 85% نتيجة أجراء تخفيض سعر الفائدة، ما تسبب بانهيار قيمة عملياتها الوطنية امام الدولار وبقية سلة العملات الاخرى، لتعود بعد ذلك ومن اجل مواجهة التضخم الى قرار رفع الاجور بهدف تخفيض نسب التضخم ما ادى الى انخفاض نسبها من 85% الى ما يقارب 43% ومع ذلك تعتبر نسبة عالية ومرشحة حسب مختلف التوقعات للارتفاع من جديد، والسؤال المهم هل تستطيع تركيا رفع اسعار الفائدة الان ؟.
في الحقيقة كافة المؤشرات والتوقعات الاقتصادية تشير الى أن تركيا قد دخلت في وحل التضخم وتحتاج الى سنوات طويلة لتعيد الامور الى ما كانت عليه قبل عامين، وهذه النتيجة بسبب قيام السياسة المالية التركية باتباع طرق اقتصادية غير منطقية وتتنافى مع الواقع والنظريات الاقتصادية وخفضها اسعار الفائدة لتوقعها بانها ستدفع الى دفع عجلة الاقتصاد التركي للنمو وهذا مالم يتحقق، فلعبت الشعبويات وكسب الاصوات دورا بارزا في هذا الاقرار الذي يدفع ثمنه الاقتصاد التركي والشعب التركي بشكل عام.
المتتبع لمعدلات التضخم في المملكة والتي وصلت مع نهاية العام الماضي الى 4.2% لتسجل انخفاض بواقع وصل الى 3.7% خلال الربع الاول من العام الحالي بالاضافة لاستقرار مختلف الاصناف الغذائية وغيرها من الاصناف وتحقيق اقتصادنا لنسب نمو مميزة واستقرار عملتنا الوطنية ومحافظتها على قيمتها وقوتها بالرغم من الظروف العالمية، يتأكد وبشكل مطلق لا يحتمل الشك والتشكيك من نجاععة ونجاح وتميز اجراءات وقرارات البنك المركزي الاردني في تجنيبنا الويلات، والتي لولاها لكان حالنا اليوم يشبه كثيرا مد الدول التي تشهد انهيارا باقتصادياتها وعملاتها.