لا أحد يستطيع الزعم بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مبرء من العيوب والأخطاء، وانه بدون سلبيات، ولا احد يستطيع مطالبة رئيس اي دولة بأن تكون سياسته وخاصة الخارجية منها، موافقة لأهواء وتطلعات الجميع خاصة خارج الدولة التي يحكمها، وهذه قاعدة تنطبق على أردوغان، مثل سائر قادة الدول، لكن بعض الذين لم يعجبهم فوز اردوغان تناسوا هذه القاعدة، واتخذوا من بعض سياسات أردوغان الخارجية مدخلا لشتم الرجل، فكان من اسؤ مااسفرت عنه الانتخابات التركية، الشتائم التي تنم عن الغيض والمكابرة والمعاندة ، عند شريحة من أبناء جلدتنا نحمد الله على أنها ليست كبيرة، فقد قادت المعاندة هؤلاء بعد ظهور الانتخابات إلى شتم الشعب التركي واتهامه بالجهل لانتخابه اردوغان، وقد فات هؤلاء نسبة التعليم وعدد الجامعات في تركيا، والتي يدرس معظمها باللغة التركية، ليس من باب الاعتزاز الوطني فقط، ولكن من باب قدرة الأتراك على تطويع العلوم وتوطينها، وليس مجرد ترجمتها ، وتوطين العلوم هو الأساس المتين للنهوض الحضاري والعلمي، و"الجهلة" الأتراك هم الذين طوروا في ظل حكم أردوغان تركيا صناعيا، فصارت منتجاتها تغطي الكثير من أسواق العالم ومنها سوقنا المحلي، ناهيك عن اخرجهم لتركيا من المديونية وتحريرها من استعمار البنك الدولي.
وعلى ذكر الاعتزاز الوطني، فإن الشعور به هو الذي دفع غالبية ة الجاليات التركية المنتشرة بالكثير من دول العالم للتصويت لاردوغان، لأنه هو الذي جعلهم يشعرون بالاعتزاز والتميز عن سائر الجاليات الأجنبية في تلك البلدان، لأن حكومة بلدهم في عهد أردوغان كانت حريصة على حمابتهم و رعايتهم في مغترباتهم،كما قال الكثيرون منهم لوسائل الإعلام في تلك المغتربات . لذلك كان على الذين يشتمون أردوغان ومن انتبه، ان يتسألوا عن الاسباب التي تدفع أغلبية الاتراك لتنتخب أردوغان، حتى أن الرجل لم يخسر اية انتخابات خاضها حتى الآن.
في ظني انها كثيرة الاسباب التي تدفع الأتراك لانتخاب أردوغان، فعلاوة على ماذكرته في الفقرات السابقة، وعلاوة على النهضة الاقتصادية التي تحققت في عهد الرجل، فقد صار لدى الأتراك القدرة على التعبير عن ارائهم وممارسة خياراتهم بحرية تامة، اخر وأكبر دليل عليها الانتخابات التركية الأخيرة، التي قدمت أوضح وانصع صورة من صور الديمقراطية وممارساتها، والتي شهدت أعلى نسبة مشاركة على مستوى العالم، والتي شهدت جولتين انتخابيتين، لان رئيس البلاد كان بحاجة إلى اقل من نصف واحد بالمئة من أصوات الناخبين للفوز، لكنه لم يلجاء للتزوير، كما تفعل بعض الانظمة التي يدافع عنها بعض من يشتمون أردوغان،ورضخ. طوعا للأرادة الشعبية.
الأهم من حرية آلاتراك في خياراتهم السياسة، هي حريتهم في خياراتهم العقدة و الاجتماعية التي كانوا محرومين منها قبل أردوغان، الذي لم يجبر أحدا على خيار ديني واجتماعي او سياسي.اوحتى على الإيمان بمشروع أردوغان، ولا احد ينكر ان لدى الرجل مشروعا لتركيا، ووجود هذا المشروع من أسباب انحياز آلاتراك لاردوغان، فغياب المشروع عند القائد وبالتالي عند المجتمع الذي يقوده، يجعلهما بلا طعم ولا لون ويضعف تماسك الدولة.
خلاصة القول هي أن أردوغان ليس مثاليا، لكنه خيار شعبه، وفي تجربتهما مابمكننا ان نستفيد منه.