على هامش زيارة جلالة الملك لواشنطن ولقائه الأول بالرئيس بايدن، التقى جلالته عددا من لجان الكونغرس الأميركي بحضور ولي العهد. حينها كنت واحدا من الحاضرين لأحد تلك اللقاءات كجزء من الوفد الأردني، حيث تلقى جلالة الملك فيه عددا من الأسئلة والاستفسارات للوقوف على رأيه حول مجمل القضايا العربية والإقليمية والدولية.
عند طرح أحد الأسئلة على الملك، والذي للأسف لا يحضرني الآن مضمونه، حوّل جلالته، بشكل مفاجئ، السؤال لولي العهد للإجابة عليه!
في مثل هذه الحالة، وفي الوضع الطبيعي، فإن تعرّض الإنسان لمثل هذا الموقف من شأنه إرباكه، أو جعل انطلاقته في الإجابة مترددة قبل أن يتدارك الأمر، خصوصا أن ولي العهد كان في حضرة أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، وهم من ذوي الخبرة الطويلة. الإنسان الطبيعي قد يكون قد شرد ذهنيا ولو بُرهة بسيطة، أو قد يكون غير مُلم بشكل جيد بالملف محل السؤال.
بيد أن ذلك لم يحدث، حيث انطلق هذا الشاب بالإجابة مباشرة عن السؤال، وكأنّ الحوار كان معه شخصيا وليس مع جلالة الملك، فقد كان حاضرا؛ ذهنيا ومعرفيا.
عند قراءة هذه الحادثة من زاوية الأب وسلوكه تجاه نجله، فإنها حتما ستعكس مدى ثقة جلالة الملك بابنه وولي عهده، وإيمانه بأنه حاضر معه في كل تفاصيل مناقشاته، وأنه يملك ما يكفي من التركيز ليتحمل كامل المسؤولية في مثل هذه اللقاءات السياسية المهمة، والتي تعتبر مفصلية في نضال الأردن بشأن العديد من القضايا التي تعيشها المرحلة.
كما يعكس أيضا أن الأمير الشاب، الذي يحتفل ومعه أبناء هذا الشعب اليوم بزفافه، ملمٌ بشكل تام بجميع الملفات، رغم حداثة سنه في الحُكم والسلطة، بيد أنه في مفهوم الأسرة الهاشمية فارس ورث الحضور من والده عبد الله وجده الحسين، ومن الهاشميين الذين ما وهنوا أو استكانوا ليكون الأردن منارة تضيء ظلمة إقليم تطاله أمواج عدم الاستقرار من عقود.