الضجة المفتعلة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حول رقصة شعبية أداها طلبة اندونيسيون في جناح بلادهم بمعرض الجاليات الذي تقيمه جامعة اليرموك سنويا، بإشراف عمادة شؤون الطلاب فيها، بهدف تعريف طلابها على عادات وتقاليد وثقافة الشعوب، من خلال أبناء هذه الشعوب الذين يدرسون في جامعة اليرموك.
هذه الضجة المفتعلة حول هذا المعرض، هي مؤشر جديد على حجم الجهل الذي اخذ يستشري في مجتمعنا، وهو جهل له خطورة مزدوجة، لانه يريد أن يحكم بلادنا ويتحكم بعقول أبنائها، اما بجرهم إلى مربعه، وأما بتخويفهم من خلال الصوت العالي، التشهير سلاحه واداته، تمكنه من ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي صار الكثير منها منابرا للجهل، و وسيلة للتشهير، وهانحن أمام نموذج جديد للجهل وصوته العالي، الذي هاجم رقصة شعبية أداها الطلبة الاندونيسيون بهدف التعريف بتراث بلادهم، التي هي أكبر بلاد المسلمين من حيث العدد، وطلبتها الذين نضموا جناح بلادهم في معرض الجاليات، هم طلابا في كلية الشريعة، وقد اختاروا هذا التخصص عن ايمان وقناعة وحبا بالاسلام وسعيا للمزيد من فهمه، وهو الفهم الغائب عن الكثيرين من الذين هاجموا الرقصة التراثية التي أداها الطلبة الاندونسيون، بحجة ان هذه الرقصة تسئ للاسلام، وقد فات هؤلاء ان الإسلام احترام ثقافةوتقاليد وتراث الشعوب التي اعتنقت الإسلام، مالم يكن في هذة الثقافة والتقاليد والتراث كفرا وشركا بالله، ولذلك ظلت الكنائس وصوامع العبادة وبيعها وكذلك الكنس منتشره في البلاد التي حكمها الإسلام، الذي امر باحترامها جميعها واحترام أهلها وخاصة الرهبان والقسيسين منهم، بل لقد ظلت التماثيل قائمة في بعض البلاد التي دخلها الإسلام، بما فيها تمثال بوذا الذي دمر قبل سنوات، كما دمرت الكثير من الآثار في سوريا والعراق على أيدي المتعصبين الذين يسؤون للاسلام، بجهلهم الذي يلبسونه لباس الإسلام فيسؤون اليه، خاصة عندما يحاولون فرض هذا الجهل على غيرهم بالصوت العالي، أو بالقوة.