هذه هي الإطلالة الثانية لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي على الرأي العام في حديث شامل عبر شاشة التلفزيون الأردني.
الإطلالة الأولى حملت تعهدات بإصلاح إقتصادي ينقذ المالية العامة ويعكس المؤشرات الإقتصادية، وبعد سنة كاملة يعود الرئيس ليعلن أن حكومته قد فعلت، فها هي تنتقل الى الإصلاح الإداري بينما لا زال يتعين عليها إستكمال حلقات الإصلاح الإقتصادي وهي عملية طويلة قبل أن نتأكد من بلوغ مرحلة الإعتماد على الذات ليس في تعظيم الموارد والإنتاج فقط بل في إنتاجية النفقات أيضا.
صحيح أن أكثر من 80% من موازنة الدولة هي رواتب وأجور ودعم سلع، لكن الصحيح أيضا أن هذه النسبة يجب أن تكون منتجة وهي لن تكون كذلك الا بتنفيذ إصلاح إداري يعيد للقطاع العام قدراته الإدارية.
جربت حكومات كثيرة الإصلاح الإداري وإعادة الهيكلة لكنها كانت تقتصر على تصويب سلم الرواتب دون أن تمس جوهر العملية الإدارية بمفهوم إدارة القوى البشرية، فلم تترك أثرا على الانتاجية وعلى الموظفين؟.
النتائج كانت تظهر أولا بأول في تقرير مركز الملك عبدالله الثاني لتميز الاداء الحكومي وفيه تراجع الاداء وقد مس السلوك العام، في المؤسسات والوزارات في فهم مغلوط لمبادئ الخدمة العامة.
الحكومة ليست شركة، لكنها يجب أن تعمل مثل شركة وإن كان أزعج كثير من مشجعي البيروقراطية هذا الوصف لكن إن كان مثل هذا الوصف يعني أن تقدم الحكومة خدماتها مثل شركة يشغل بالها بالدرجة الأولى رضى متلقي الخدمة وهو المواطن. فلم لا؟!.
الإصلاح الإداري مهم، لكنه جزء من إصلاح إقتصادي شامل وليس بديلا عنه، وإصلاح الإدارة لا يعني إصلاح الإقتصاد فالفرق هنا كبير .
الإصلاح الإداري يمس تشوهات ادارية في الرواتب وفي هياكل المؤسسات وإدارة الموارد البشرية والإنتاج والتدريب والمرجعيات، وجميعها أركان رئيسية لخدمة التنمية والإصلاح الإقتصادي والإجتماعي وليس بديلا عنهما.
الإصلاح الإقتصادي يمس المالية العامة والضرائب والتقاضي والتعليم والخدمات الصحية وخدمات الحكومة، وما الإدارة وهيكل الرواتب والمؤسسات إلا جزءا منه.
لا نحتاج فقط الى ثورة بيضاء في الجهاز الحكومي، بل ثورة بيضاء تجتاح كل شيء كتلك التي بدأت عام 2000 عندما تحول الاردن الى خلية نحل في كل الاتجاهات، قبل أن تنتكس بسبب الازمة المالية العالمية والربيع العربي من بعد.
الرأي