أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

‏رؤساء قيد الإعفاء


حسين الرواشدة

‏رؤساء قيد الإعفاء

مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ
‏لا أحد، بتقديري، ضد تقييم أداء المسؤولين، أو محاسبتهم إن أخطأوا، الأردنيون يطالبون بذلك، امتثالا للقانون الواجب أن يكون فوق الجميع، لكن ثمة فرق بين تقييم يستند إلى معايير واضحة وعادلة، ويهدف لقياس الإنجاز وتصحيح الخطأ، وبين تقييم انتقائي او متسرع، يتحول إلى عقوبة، وربما إلى وصمة خجل، وإهانة يتم إشهارها على الملأ.
‏منذ أكثر من 10 سنوات بدأت قصة تقييم رؤساء الجامعات، تفاصيل كل مرة لا تختلف عن الأخرى لم نتقدم خطوة للأمام، ولم نتعلم من تجاربنا وتجارب غيرنا، أدرك تماما أن معظم إدارات جامعاتنا تحتاج إلى تقييم، وقد لا تنال درجة مقبول او ضعيف، أدرك، أيضا، أن التعليم العالي برمته يحتاج لما هو أعمق من التقويم والمراجعة، وأن معظم المسؤولين الذين تعاقبوا عليه لم يحدثوا أي فرق أدرك ثالثا، أن صدمة الإعفاء التي تصدر بقرار لإنهاء خدمات بعض الرؤساء، وفق الطريقة التي تجري بها، لا تليق بالأساتذة، ولا بالتعليم، ولا بسمعة بلدنا أيضا.
‏السؤال : لماذا نعاقب عددا محدودا من رؤساء الجامعات دون غيرهم من الرؤساء، ولماذا نستثني مجالس الأمناء التي يقع على عاتقها مسؤولية وضع السياسات ومراقبتها، هل يملك هؤلاء الرؤساء ما يلزم من صلاحيات تسمح لهم بإتخاذ القرارات هل جامعاتنا مستقلة بما يكفي اما أنها ما تزال تخضع لسطوة التدخلات والاعتبارات الاجتماعية وغيرها ؟ ثم كيف يتم تعيين هؤلاء الرؤساء أصلا. ولماذا نجح بعضهم في مواقع أخرى سبق أن كانوا فيها، وكيف يمكن أن نقنع غيرهم من الكفاءات الوطنية بخوض مغامرة رئاسة جامعة، قد تنتهي بهم -كما انتهت بمن سبقهم - إلى الإعفاء بهذه الطريقة غير اللائقة؟
‏لا أدافع عن أحد من هؤلاء الأساتذة الذين تم إعفاؤهم، لكنني أحترم الكثير منهم، وأقدر الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه بعد قرارات إعفائهم، وحين أدقق في أداء غيرهم من الرؤساء الذين نجحوا في التقويم، على مدى السنوات الماضية وحتى الآن، أشعر بالظلم بالنيابة عنهم، فلدي، كما لدى القراء الأعزاء، نماذج عديدة لرؤساء لا يزورون جامعاتهم الا ساعات قليلة، او رسبوا في مواجهة العنف داخل الجامعات، أو عجزوا عن تقديم أي إنجاز، أو قضوا شهورا في سفريات خارجية بلا جدوى كلفت الجامعة آلاف الدنانير، او اتخذوا قرارات خاطئة صبت ضد مصلحة جامعاتهم ناهيك عن شبهات فساد دارت حول بعضهم، معقول أن يكون تقييم هؤلاء «ناجح «، وأحيانا بامتياز، ومكافآتهم الاستمرار في مواقعهم؟
‏ما علينا، نريد أن ينتصر مبدأ التقييم وأن يعمّم على الجميع، لكن، في موازاة ذلك، نريد أن يُعاد الاعتبار لاستقلالية الجامعات، و صلاحيات الرؤساء في مواجهة من يتغولون عليها، نريد، أيضا، أن يُقّيّم رؤساء منتخبون بملء إرادة الأساتذة والطلبة، وأن تُقيّم مناهج دراسية تليق بمستقبل طلبتنا، وحريات أكاديمية تدفع البحث العلمي للأمام، وتحتفي بالإبداع، نريد نشاطات طلابية لا تُحاصر بالقرارات الإدارية والعقوبات، وجامعات تقود المجتمع لا جامعات أسوارها عالية ورؤساؤها قيد التقييم، اقصد قيد «الإعفاء» والتشهير أيضاً.
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ