أنهت بعثة صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي المراجعة السادسة لاتفاق التسهيلات الموقع بين الصندوق والأردن، والذي يمتد حتى آذار من العام المقبل.
خلاصات مهمة يمكن استخلاصها بعد هذه المراجعة المبنية على لقاءات مباشرة مع المعنيين في الحكومة وبعثة الصندوق عقب انتهاء المراجعة.
ويمكن تلخيصها في مجموعة من الاستنتاجات التي قد تشكل أساساً لنظرة مستقبلية على الأفقين القريب والمتوسط لواقع الاقتصاد الوطني.
من أهمها ما يلي:
1 – الثبات في سياسة ربط سعر صرف الدينار بالدولار، حيث أعربت بعثة الصندوق عن ارتياحها الشديد ودعمها المطلق لسياسة البنك المركزي التي تهدف في الأساس إلى تعزيز الاستقرار النقدي، الذي يعتبر ركيزة أساسية في الإصلاح.
2 – البنك المركزي سيواصل سياسته الرشيدة بالنسبة لأسعار الفائدة للحفاظ على الدينار قوياً وجذاباً من جهة، ومكافحة التضخم الذي تمكن الأردن من تسجيل أقل نمو له في المنطقة (2.9 %).
3 – الإصلاح الضريبي يعتبر نموذجاً حقيقياً في الإصلاح الجاد والمسؤول، وهو العامل الرئيسي وراء نجاح البنك المركزي في المراجعات الستة الماضية مع الصندوق، إذ ان نجاح الإصلاح الضريبي يثبت بوضوح أن عمليات الإصلاح المطلوبة لبقية القطاعات والمؤسسات العامة والسياسات المختلفة باتت على المحك. لا شيء مستحيل طالما توفرت الإرادة القوية والإدارة الصحيحة في الوقت المناسب.
4 – رغم أن مستويات الدين في الأردن ما زالت مرتفعة، إلا أن المؤشرات تشير إلى قدرة الخزينة على خدمة الدين وأقساطه. ومع ذلك، يستدعي الوضع الحالي، خاصة في ظل نجاح المراجعات السابقة ووجود علاقات مريحة مع المؤسسات الدولية والمانحين، بالإضافة إلى توفر مساحات مالية كبيرة للأردن في أسواق التمويل المختلفة، توظيف هذه البيئة الإيجابية في إدارة الدين بطريقة جديدة لتخفيضه بأرقام مطلقة ونسب مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يتطلب التقليل الحقيقي من النفقات العامة من جهة، وزيادة معدلات النمو من جهة أخرى.
“لا يمكن تحسين التصنيف الائتماني للاقتصاد الأردني دون تخفيض معدلات الدين العام، حتى وإن تحققت جميع متطلبات الإصلاح وبرنامج الصندوق. إذا بقي الدين على حاله، فإن أفضل ما يمكن تحقيقه هو استقرار التصنيف مع تحسن النظرة المستقبلية الإيجابية. وهذا الأمر أيضاً يتوقف على وجود اتفاق مع الصندوق بشكل أساسي.”
5 – هناك ثلاث مشكلات مزمنة ستظل تعكر صفو عمليات الإصلاح: مديونية شركة الكهرباء الوطنية، وبند المعالجات الطبية خارج تقديرات الموازنة، ودعم السلع عوضاً عن دعم المواطن. كل هذه القضايا تحتاج إلى قرارات إدارية جراحية وعميقة في الاقتصاد، ويجب أن تكون في أيدي مسؤولين قادرين على إدارة الأزمة بشكل صارم دون تردد في اتخاذ القرار الصائب.
6 – هذه هي المراجعة السادسة وهي قبل الأخيرة، ولكنها على الأرجح ستكون الأخيرة لهذا البرنامج الذي ينتهي رسمياً في آذار من العام المقبل.
من الواضح أن الحكومة ترغب في وجود برنامج جديد مع الصندوق عوضاً عن الحالي. ومن المتوقع أن تبدأ المفاوضات الفعلية في القريب العاجل للإعلان عن برنامج جديد لمدة ثلاث سنوات ابتداء من عام 2023.
أنهت المراجعة للصندوق بسلاسة، ورغم كل التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها الاقتصاد الوطني، إلا أنه تم تلبية جميع متطلبات الإصلاح في إطار برنامج الصندوق. وهذا ما دعا الصندوق للثناء على جهود المسؤولين في السياسات المالية والنقدية، وحثهم على مواصلة الإصلاح، حتى يتمكن الاقتصاد من تحقيق معدلات إيجابية قادرة على مواجهة تحديات البطالة والفقر.
وفي النهاية، في ظل هذه التحديات، لا يمكن تحقيق أفضل مما تحقق بدون أي تداعيات اجتماعية واقتصادية في المجتمع، مما دفع رئيس بعثة الصندوق للقول: “انظروا إلى ما يحدث حولكم”.