أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

وضع الطيران


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

وضع الطيران

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
في الهواتف النقالة, يوجد وضع أو تطبيق في الهاتف اسمه وضع الطيران... هذا التطبيق يتيح لك أن تقلب في الهاتف مثلما تشاء, ولكنك لاتستطيع أن ترسل أو تستقبل المكالمات.. يصبح الهاتف عديم الجدوى.
أنا منذ عامين ولدي شعور بأني برمجتي (معلقة) على وضع الطيران, لا أرسل ولا استقبل... فقط في المساء أجلس على بلكونة منزلي, لا هاتف يأتيني.. ولا نسمة سكرى حملت بالخطأ عطر بنت مرت للتو طافت بأنفي.. أجلس فقط على بلكونتي, وأمارس معركة تشبه إلى حد بعيد معركة (باخموت) في أوكرانيا, لا الروس حسموها ولا الجيش الأوكراني حررها.. لكن معركتي مع (النمل), أحاول أن أتخلص من بعض الأسراب بالماء.. أحاول أن أسد الثقوب التي تنشأ في حواف البلاط.. لكنه يداهمني ويظهر.
منذ عامين وكلما جاء الصيف تبدأ حربي, ولكنها حرب نظيفة.. أنا لا أقتل النمل أحاول محاصرته فقط... وأحيانا حين أسكب الماء فيطفو النمل على وجهه, (اطبطب) على كرشي باعتبار أني انتصرت... لكنه في اليوم التالي يعود.
أشعر أن أمريكا لها يد في المسألة, أمريكا لها يد في كل شيء.. اشعر أنها تدعم النمل, أنا لا أعرف حقيقة كيف توصل له المساعدات, ولكن هنالك بعض الإشارات تؤكد أن عودته مرة أخرى وبأسراب منظمة أكثر.. وبحجم أكبر, تؤكد أن النمل أجرى تدريبات صارمة.. وتلقى دعما معنويا وربما لوجستيا.
قصفته بكل شيء, بالماء... بالرذاذ الأبيض المصنع محليا لمكافحة النمل, بالملح... بسد الثقوب الصغيرة في مسامات البلاط.. وأظن أني اليوم سألجا إلى استعمال الأسلحة المحرمة دوليا.. سألجأ (للحفاية).. إبادة شاملة.
قلت منذ عامين وأنا أشعر أن هنالك بعض الأخطاء في برمجتي, منذ عامين وأنا أشعر بأن أحدهم قام يتحويلي إلى وضع الطيران.. فأنا لم أعد أستقبل شيئا, ولم أعد أرسل شيئا..
صرت مثل هاتف نوكيا القديم الذي ظهر نهاية التسعينات من القرن المنصرم, لاصبية تحملني... ولا رفيقة تناديني عبود, زمان كانت بعض الرفيقات يقلن لي عبود... كنت مثل الغزال في السرعة إن لمح ظل صياد, ومثل الصواعق إن جن جنون الغيم... ولكني كبرت.... كبرت كثيرا لدرجة أن معاركي صرت أخوضها مع النمل.
من الذي عبث في برمجتي وحولني لوضع الطيران؟..
لقد هزمت.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ