مدار الساعة - ليث الجنيدي / الأناضول - "أحب الحفاظ على البيئة وتشكيل مناظر جمالية بما يتاح لي"، بهذه الكلمات استهل الشاب الأردني أحمد نشمي الزواهرة، كلامه وهو يعبّر عن موهبة استطاع صقلها بالتجربة والإصرار.
فهذا الشاب الأردني لا يتصور الجلوس في مكان دون أن يضيف عليه لمسات فنية تزيده رونقا إبداعيا خاصا.
الزواهرة (36 عاما) من سكان محافظة الزرقاء (وسط) أكمل دراسته الجامعية في تخصص إدارة الأعمال وتوجه إلى سوق العقارات.
إلا أنه لم يتخلّ عن شغفه بالحفاظ على البيئة مستعينا بموهبة الرسم التي يتقنها بالفطرة، ليتحول خلال سنوات معدودة إلى إنسان يُشار إليه بالبنان، عندما قرر أن يحول الأجهزة الكهربائية التالفة إلى مجسمات لوسائل نقل مختلفة من دراجات نارية ومركبات متنوعة وقطارات وغير ذلك.
بدأت الفكرة لدى الشاب الأردني مع انتشار جائحة كورونا التي ألمّت بالعالم، عندما افتتح في تلك الفترة محطة خاصة لتنظيف السيارات، لكن الساحة المقابلة لها كانت مكبّا للنفايات، ليقرر حينها تحسين منظرها العام، وفق ما رواه لمراسل الأناضول.
كانت بداية الزواهرة، بزراعة أشجار دائمة الخضرة على امتداد الشارع المؤدي إلى مكان عمله، وعلى طول كيلومتر واحد، ثم أضاف لها مجموعة من الورود البلاستيكية.
وقال: "قررت أن أضيف لمسات جديدة إلى المكان، وعزمت النية لشراء سيارة قديمة وتثبيتها بين الأشجار والورود، ولكن صاحبها طلب فيها سعرا مرتفعا عن قيمتها مقارنة بحالتها".
وأضاف: "منذ صغري أعشق الرسم، وأستطيع رسم أي صورة أراها أمامي، فعملت على رسم هيكل لدراجة نارية، وبالفعل تمكنت من تشكيلها، واستمر العمل بها 8 أيام".
وتابع: "بدأت بعد ذلك الاطلاع على تصاميم سيارات المشاهير من فنانين ومطربين ورؤساء دول، وأقوم بحفظ شكلها في رأسي ببعد ثلاثي، ثم أطبقها على مجسم يحاكي صورتها الحقيقية".
وأشار الزواهرة، إلى أنه بحكم قربه من الشارع العام "وجدت أن الأفضل تصميم وتشكيل وسائل نقل بأنواعها المختلفة".
وبأسلوب ينمّ عن ثقته بنفسه، قال "لا أحتاج إلى ريشة كي أرسم ومخطط لأتقن، فكل فكرة لأي مجسم وهيكل تكون وليدة اللحظة".
وأوضح أن "هناك مجسمات لنحو 30 دراجة نارية، و20 مركبة، و12 طائرة، وقطار، إضافة إلى هياكل لمجسمات أخرى مثل الرجال الآليين".
وأردف: "كل ما أريد من هذا العمل تحقيق منظر جمالي، والحفاظ على البيئة، فمنذ صغري وأنا أشعر بمسؤولية تجاه البيئة والطبيعة والحفاظ عليهما".
وعن الوقت الذي يحتاج إليه لصناعة ما يقوم به، بيّن الزواهرة أن "الدراجة النارية لا تستغرق معي سوى 10 دقائق، والمركبة يوما كاملا".
ولفت إلى أنه "في البداية كانت المجسمات تحتاج مني وقتا طويلا، ولكن عندما تمكنت من الأمر، أصبح الأمر بالنسبة لي ممتعا وسهلا".
وعما يحققه من وراء تلك الموهبة، شدد الشاب الأردني "لا أجني أي فائدة مادية، بل على العكس، أدفع من جيبي الخاص لإنجاز ما أقوم به".
أما عن مكونات المجسمات، فقال الزواهرة إنها "قِطع أجهزة كهربائية تالفة من مكانس ومكيفات وغير ذلك، إضافة إلى قطع سيارات غير مستخدمة، وبقايا الأخشاب لدى النجارين".
وفيما يتعلق بالتكاليف، اعتبر أنها "لا تذكر، فحمولة من الخردة لا تكلفني سوى 20 دينارا أردنيا (28 دولارا)، إضافة إلى أجور أدفعها لخمسة أشخاص يقومون بمساعدتي".
موهبة الزواهرة، وتعامله مع مخلفات ذات أثر على البيئة، باتت أسلوبا فنيا خاصا أراد من خلاله أن يشكل فيه اختلافا عن غيره، ليبقى شاهدا على أن التميز والعطاء لا يحتاجان سوى إرادة حقيقية ليكتب الإنسان اسمه في سجلات الناجحين.