على وقع التهدئة في غزة بعد إرتقاء الشهداء وتشريد المزيد من الشعب الفلسطيني وإرغامه على تجرع علقم الاحتلال والتضييق على الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني بدم بارد ومصادرة أراضيهم وتهويد الأرض الفسطينية والاقتحامات اليومية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية في نابلس وجنين وطولكرم ورام الله وقلقيلية، وفرض سياسة الأمر الواقع على المشهد تمر الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية وما أكثر نكبات هذا الشعب العظيم المقاوم.
إن الخامس عشر من أيار عام ١٩٤٨ تأرجح التاريخ هولاً من مصيبة الشعب الفلسطيني في القرن العشرين وتبعتها بعد سنوات نكسة عام ١٩٦٧ لتسيطر عصابات الكيان الصهيوني. على كل الأرض الفسطينية، ولتحمل شواهد التاريخين بفارق السنين مآساة شعب وقضية أمة تعشق الوطن ولتتكرر مشاهد الإرتحال والتشريد والتهويد حتى وقتنا هذا الذي تمر فيه الذكرى والأمة العربية ممزقة وغارقة في مستنقع الخلافات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحروب الاهلية.
وهنا ورغم ذلك فهناك حلم لطفل صغير يداعبه حلم العودة وفتح باب لمنزل لا زال مفتاح جده الكبير الصديء معلق على حائط غرفة الجلوس منذ عقود تداعبه الايدي بين فترة وأخرى ليذكرها بأن هناك في مكان ما وطن ينتظر.
وبغض النظر عن معاناة الفلسطينيين بين اليأس والامل بعد نكبة عام 1948 التي سبقها جهاد متواصل منذ وعد بلفور واتفاقية سايس –بيكو، سقط خلالها الالاف الشهداء في ثورات لم تكن محسوبة النتائج من خلال عظم المؤامرة العالمية التي شنت على هذا الشعب لاغتصاب وطنه وتشريد ابناءه ومحو هويته ، غير انني سانتقل الى ذكرى نكسه1967 التي قصمت ظهر العرب وهوت بآمال الشعب الفلسطيني الى اعماقِ سحيقة من اليأس الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية واتباعها من الحلفاء الغربيين واصدقاء الكيان الصهيوني في كافة انحاء العالم.
من هنا تأتي النكسه كفارقِ مفصلي يسير بخطوات ثقيلة لالغاء الوجود الفلسطيني أرضاً وشعباً وهويه، على الرغم من مناورات سياسيه ومحاولات لكسب معنوي لا ارى فيها املاً في استعادة وطن واقامة دولة، الاَ انني انظر لشعب الجبارين نظرة الفاحص المتعمق لنظالات ما يقرب من قرن لاقول لا زال في نهاية النفق نور وأمل.
صحيح انه وبعد مرور كل هذه السنوات على احتلال فلسطين، والحال هو الحال، والضياع نفس الضياع، والسفينة العربية من محيطها الى خليجها توشك على الغرق في بحر الحروب والفتن والجهل والتخلف. وصحيح ان الكيان الصهيوني يسرح ويمرح، ويهود ويهجر ويقتل دون رادع او وازع، ولكن الصحيح أيضاً ان السنديانة الفلسطينية عظيمة الجذع ،غنيَة الأغصان،كثيفة الأوراق،وارفة الظلال،وانها الفيصل في الصراع.
يوم الخامس عشر من أيار عام 1948 ، والذي كان يوماً فاصلاً في تاريخ الشعب الفلسطيني، فقد وقعت فلسطين تحت الاحتلال ،وبدأت الهجرة الكبرى، و تحوّلت فلسطين إلى جرح عميق في قلب الأمة العربية، ولكن الشعب الفلسطيني بقي شعباً حياً يناضل ويعمل على تحرير أرضه رغم ضعف إمكانياته ومقدراته عبر انتفاضاته المتواصلة.
إنَ ذكرى النكبة كما هي ذكرى النكسه مؤلمتين وحزينتين ليس على الفلسطينيين فقط بل على جميع العرب ،ولكننا نقول لن يهنأ الاحتلال وستعود فلسطين حرة عربية إلى حضنها العربي ولو طال الزمن ما دام في الشعب الفلسطيني طفل يصرخ الله اكبر وإمرأة تزغرد عندما يرتقي ابنها شهيداً فداءاً لفلسطين.