اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات احزاب وظائف للاردنيين رياضة أسرار و مجالس مقالات مختارة مقالات تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة كاريكاتير رفوف المكتبات طقس اليوم

غزة


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

غزة

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/05/14 الساعة 00:43
أتابع ما يحدث في غزة, هي حرب بكل ما تعني الكلمة..
بصراحة لا يوجد لطم وعويل, يحملون الشهداء بصمت, ثم يذهبون بهم إلى سيارات الإسعاف ويكملون المعركة بعد ذلك, ما يلفت انتباهي أيضا أن منازل القادة التي تقصف بسيطة جدا.. بيوت من الطوب, لا يوجد كرميد, والرخام معدوم في غزة, لا يوجد حدائق غناء تحيط بالمنازل.. ولاورد قد زرع عند المدخل, قلت بيوتهم بسيطة جدا.. هذا ذكرني ببيوت رجال الأعمال العرب, وبيوت كبار المسؤولين.. في غزة لا يوجد اصلا ما يسمى بكبار المسؤولين يوجد هناك (كبار الشهداء)... وهم خدم للقضية والدين والشعب..
أتابع التفاصيل في غزة, وأعرف أن إسرائيل (تافهة) جدا... إسرائيل لا تقتل القادة ولا تدمر البيوت فقط, هي عودت الأطفال على الثأر.. الطفل في غزة حين يكبر على صوت القذائف وطائرات الموت... سيسأل وسيعرف من أمه وأهله, أنهم قتلوا جارهم.. وقتلوا عمه, وأنهم استهدفوا ملعبه الصغير, وأنهم دمروا الورد والحياة واغتالوا الهواء.. هذا الطفل حين يكبر لا تعتقدوا أن سيؤمن بهدنة, وإياكم أن تعتقدوا أنه سيسافر كي يوقع على شروط الإشتباك الجديد.. وإياكم أن تعتقدوا أنه سيفكر بالإستقرار في لندن, العالم يخاف منه وسيلاحقه بالإسئلة... هو ?يقدم الإجابات عبر الصواريخ والحرب والشهادة.
كل جيل يأتي في غزة, يضيف على أعداد الصواريخ أكثر, كل جيل يأتي يضيف أنفاقا أكثر ويطور من قدراته.. وأظن أن يوما سيأتي على إسرائيل, وستكتشف فيه أن النخل هنالك قد جندوه ليؤدي عملية استشهادية, سيكتشفون أن الرمل أيضا سيتفجر من تحت أقدامهم.. وأن خزانات المياه قد جهزت بعبوات ناسفة, وأن الأرحام حتى الأرحام هي الأخرى تقاتل... وأن ثدي الفلسطينية, لن يدر الحليب بل سيدر البارود في فم الطفل الوليد.
الصواريخ في غزة صارت أكثر من عبوات (الشطة), سنصل لمرحلة.. تصنع فيها القذائف في المنازل, وستكون صناعة القذيفة أسهل من إعداد (الدقة) الغزاوية... وسنصل لمرحلة يولد فيها الأطفال من دون تسجيل شهادة ميلاد.. لأنه يبحث عن شهادة الوفاة وسيبحث عن وصف شهيد فيها, سنصل لمرحلة.. تركع فيها إسرائيل لا محالة, لأن كل آلات الموت التي تمتلكها في النهاية ستنهار أمام آلات الإرادة والعقيدة.
قل للبنات في غزة أن يصبرن قليلا، سيأتي ذاك اليوم الذي يكون فيه الشاطئ مفتوحا باتجاه الشمال, لا شمال في غزة إلا شمال فلسطين فقط...قل للبنات أن زمنا عربيا سيأتي وسيفتخر فيه العربي بأن جدته من غزة أو والدته ولدت في مخيمات القطاع... سيكون الدم هنالك هو الأعلى شرفا والأهم نسبا في عالمنا العربي, وقل للبنات.. أن يصبرن قليلا سيأتي ذاك الزمن الذي حين تطأ فيه قدم بنت من غزة عاصمة عربية, سيستقبلها التاريخ.. وختم جواز السفر سيكون الكرامة.. وسيؤدي الشرطة لها التحية العسكرية, وستدخل محاطة بحرس الشرف والأنوار..
أنا أتابع كل شيء, أتابع الصواريخ والقصف وحركة الناس والشوارع... وتلك ليست معركة لقد اكتشفت أني لا أتابع معركة, بل أتابع انبلاج فجر الشرف العربي.. أتابع انتصار العقيدة, أتابع معنى المبادئ والقيم.. أتابع صلاح الدين وأبو ذر الغفاري, وأتابع سيف سعد بن أبي وقاص.. وأتابع التاريخ أيضا.
ما يبث على الشاشات صدقوني أنه أهم من كل الكتب في الجامعات العربية.. غزة هي أول منهاج وأهم منهاج في العروبة والدين, فقط علموا هذا المنهاج لأولادكم.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2023/05/14 الساعة 00:43