نشأت في أسرة لها الكثير من الحكايا والقصص عن جد والدي علي الحسن التل، وجدة والدتي مها سعد العلي البطاينة، زوجة علي الحسن التل، شقيقة عارف سعد العلي البطاينة، التي مازالت ذاكرة طفولتي تختزن لها حضورا بهيا وصورا جميلة، والكثير من الحكايا عنها وعن والدها واشقائها، ومنهم شقيقها الشهيد نجيب البطاينة الذي استشهد على ثرى ليبيا، بعد أن ترك الخدمة في الجيش العثماني وانحاز الى ثوار ليبيا ضد المحتل الإيطالي وصار يعرف بنجيب الحوراني، وصار له فيها شوارع وميادين تحمل اسمه تكريماً له، وصار الحديث عنه مصدر فخري كلما زرت ذلك البلد العربي الذي جسد فيه نجيب صدق مقولة "بلاد العرب اوطاني" .
ومن الحكايا التي سمعتها كيف كان أبناء سعد العلي في صباهم وايام المطر الشديد يأتون إلى منازل أبناء شقيقتهم، بدلا من الذهاب إلى البارحة قبل أن تتحول الى حي من أحياء اربد، وفي الذاكرة أيضا سكن منصور السعد البطاينة، لسنوات طويلة "بحارة التلول" وبجوار مضافتهم التي كان يتصرف فيها كواحد من ابائها.ومما زاد من عمق العلاقات بين أبناء سعد العلي البطاينة ،وابناء علي الحسن التل على وجه الخصوص وبين عشيرتي التل والبطاينة على وجه العموم، كثرة علاقات الصهر والنسب بين العشيرتين. في هذه الأجواء الحميمية والودودة بدأت بواكير معرفتي عن الراحل عارف البطاينة وبه. ومع الأيام رسخت في الذهن صورة الراحل عارف كنموذج للشخصية الأردنية بطيبتها وتواضعها وعفويتها وعنفوانها في نفس الوقت،كما كان عليه رحمات الله نموذجا للزعامة المفطورة غير المصطنعة أو المصنعة بل الموروثة كابرا عن كابر، لذلك لم يكن عارف البطاينة ممن يكبرون بالمناصب،بل كان علو منصبه يزيده قربا من الناس. وبالرغم من أن عارف البطاينة درس في أعرق الجامعات الغربية وعاش حياة الغرب ومفاتنه لكنه،وبالرغم من أنه شغل اهم المراكز والمواقع العسكرية و المدينة، وبالرغم من قربه من الملوك والأمراء، ظل وفيا لاجمل قيمنا العشائرية،حافضا لتاريخ شعبنا المحكي والمروث، وقد سمعت منه الكثير ذات رحلة من عمان إلى اربد تناولنا خلالها وجبة "مكمورة"، قال رحمه الله أنه يستمتع بها أكثر من الكثير من اكلات هذه الأيام، والطعام كما هو معروف مؤشر على ثقافة الشعوب والافراد، وقد كان عارف سعد العلي البطاينة وفيا في اعماقه لموروث ابائه وأجداده رحمه الله.