مدار الساعة - توقع صندوق النقد الدولي في تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى” لشهر أيار (مايو) تباطؤ النشاط الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام 2023.
وتشير التنبؤات إلى تباطؤ نمو إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبلوغه 3.1 % لهذا العام ، قبل أن يرتفع إلى 3.4 % في 2024، نتيجة لتشديد السياسة بهدف استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها في ظل اتفاقية أوبك +، وتداعيات تدهور الأوضاع المالية مؤخرا.
ومن المتوقع أيضا تباطؤ النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي يصنف الأردن اقتصاديا ضمنها من 5.1 % في 2022 إلى 3.4 % في 2023 على أن يتسارع النمو فيها تدريجيا خلال عام 2024 ليصل إلى 4.4 %.
ورفع التقرير، خلال العام الماضي، من توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام الحالي، بسبب قوة النمو التي فاقت التوقعات في كثير من الاقتصادات المصدرة للنفط وبعض البلدان المستوردة للنفط (الأردن، موريتانيا، المغرب، تونس).
وبين أن التقديرات تشير إلى نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في المنطقة بنسبة قدرها 5.3 % في عام 2022 ، معدلا بزيادة قدرها 0.3 % مقارنة بتنبؤات شهر تشرين الأول ( أكتوبر) صعودا من 4.3 % في 2021.
وأشار الصندوق إلى ان قوة الاداء الاقتصادي في البلدان المصدرة للنفط ومصر بالرغم من النمو الباهت في غيرها من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل، راجعا في الأساس لقوة الطلب الداخلي رغم التاثير السلبي لارتفاع الأسعار على القوة الشرائية لقطاع الأسر وعلى تكاليف الإنتاج في قطاع الشركات، إلى جانب التعافي القوي في الإنتاج النفطي بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط.
إضافة إلى العوامل التي تفسر القوة النسبية للطلب الداخلي، فقد انتعشت السياحة، وتعافت معدلات الإشغال الفندقي، حتى فاقت مستوياتها في الفترة التي سبقت الجائحة في بلدان كثيرة ( الأردن ، المغرب ، قطر ، المملكة العربية السعودية ).
وظلت تدفقات تحويلات المغتربين قوية في منتصف عام 2022 في معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل ( مصر الأردن المغرب باكستان )
ومحليا كان قد توقع الصندوق الدولي في تقرير الآفاق السابق لشهر نيسان (أبريل) زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للأردن بنسبة 2.7 % خلال العامين الحالي والمقبل، على أن يرتفع في العام 2025 إلى 3 % إذ أن توقعات صندوق
النقد الدولي لنمو الاقتصاد الأردني تتوافق مع فرضيات الموازنة العامة للعام الحالي، والتي توقعت أن يبلغ النمو الاقتصادي للمملكة 2.7 %.
كما وتجدر الإشارة إلى أن النتائج الأولية للتقديرات الربعية للناتج المحلي الإجمالي الأردني بأسعار السوق الثابتة للربع الرابع من العام 2022، قد أظهرت نموا بلغت نسبته 2.0 % مقارنة بالربع الرابع من العام 2021، ونموا بلغ 2.5 % في العام 2022 مقارنة بالعام 2021، وفق تقرير دائرة الإحصاءات العامة.
وذكر التقرير أنه من المتوقع أن يطول أمد الضغوط التضخمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أكثر مما كان متوقعا في تقديرات شهر تشرين الأول (أكتوبر)، حيث من المنتظر بقاء التضخم الكلي دون تغيير عن العام الماضي بنسبة قدرها 14.8 % في 2023، وتراجعه إلى حوالي 11 % في عام 2024، معدلا بزيادة قدرها 2.5 % مقارنة بتوقعات اكتوبر، وتأتي هذه التعديلات بالزيادة مدفوعة أساسا بالأوضاع في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل، لا سيما في مصر وتونس حيث يتوقع تسارع وتيرة التضخم بعد انخفاض سعر الصرف في مصر وتحرير الأسعار وإصلاحات الدعم في تونس.
ولفت التقرير إلى أن التضخم المرتفع هو العامل الرئيس في احتواء الدين العام في معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وباكستان خلال 2022، إذ تراجعت نسب الدين قليلا في مصر والأردن، حيث أدى ارتفاع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الأسمى إلى تعويض تكاليف الفوائد وتجاوزها.
وكان قد قدر صندوق النقد الدولي، في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لنسيان (أبريل) 2023 والذي تم إصداره على هامش اجتماعات الربيع المنعقدة في العاصمة الأميركية واشنطن، انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين (التضخم) في الأردن إلى 3.8 % في 2023 على أن يستمر في التراجع إلى 2.9 % في العام 2024، وصولا إلى 2.5 % خلال العام 2025.
ويشار إلى أن معدل التضخم سجل في الأردن العام الماضي ارتفاعا طفيفا ، بنسبة 4.23 % ، مقارنة مع 4.22 % العام الذي سبقه 2021، وتتوقع وزارة المالية أن يبلغ خلال عام 2023 3.8 %.
ويذكر أن الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك “التضخم” في الاردن، قد ارتفع في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 2023، بنسبة 3.98 %، ليبلغ 108.26 مقابل 104.11 لنفس الفترة من العام الماضي.
وحذر تقرير الافاق لأيار(مايو) من أن المخاطر على الآفاق كبيرة وتميل نحو التطورات السلبية، حيث أن عدم استقرار القطاع المالي في الاقتصادات المتقدمة يمكن أن يزداد ويؤدي إلى انتقال العدوى وإلى أوضاع ائتمانية معاكسة بدرجة أكبر، مما قد يؤدي إلى خفض النمو العالمي ويفضي إلى تفاقم التقلب في الأسواق المالية والمخاوف بشأن استدامة القدرة على تحمل الديون في كثير من بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان متوسطة الدخل، إضافة إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية لفترة أطول يمكن أن يدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم استدامة القدرة على تحمل الديون ويدفع أضعف الاقتصادات إلى حافة الوقوع في حالة المديونية الحرجة.
وقد يحفز ذلك البحث عن الاستثمار المأمون وتدفق رؤوس الأموال للخارج، مما يقوي ضغوط خفض أسعار الصرف ويؤدي إلى الضغط المالي وتصعيد الحرب في أوكرانيا يمكن أن يفضي إلى زيادة التقلبات في أسواق السلع الأولية ونقص الإمدادات، وتجدد زيادات أسعار الطاقة والأغذية والأسمدة، مما يقوي الضغوط التضخمية الإضافية في مختلف انحاء الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ودعا التقرير في ظل أجواء عدم اليقين المستمرة صناع السياسات في المنطقة إلى المثابرة على مسار حماية الاستقرار الاقتصادي الكلي عن طريق السياسات النقدية والمالية المتشددة مع مراعاة المخاطر المحيطة بالأستقرار المالي وفي الوقت نفسه، أن يعملوا على تسريع خطي الإصلاحات الهيكلية لدعم النمو الممكن وتعزيز الصلابة والإدماج وشبكات الأمان الاجتماعي.
وأكد الصندوق أن التزامه تجاه المنطقة لن يتزعزع إذ قدم منذ عام 2020 دعما للبلدان الأعضاء في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بقيمة 29.7 مليار دولار في هيئة التزامات تمويلية جديدة، إضافة إلى تخصيصه حقوق سحب خاصة بقيمة 49.3 مليار دولار لتعزيز الأصول الاحتياطية للمنطقة، إلى جانب تعزيز تواجده على أرض الواقع من خلال زيادة مكاتب الممثلين المقيمين وفتح مكاتب اقليمية جديدة ومنها إنشاء مكتب إقليمي جديد في العاصمة السعودية الرياض إضافة إلى اعادة فتح مركز المساعدة الفنية الاقليمي لمنطقة الشرق الأوسط. الغد